الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وحد الله تعالى لفظ الذكر لشرفه وجمع الإناث لنقصهن

السؤال

في سورة الأحزاب تم ذكر كلمة (بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك) - السؤال هو لماذا أفرد كلمة عمك وخالك ولم يقل أعمامك وأخوالك - هل هناك سبب لغوي - رجاء التوضيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن في القرآن الكريم من جزالة الألفاظ وفنون البلاغة ما لا يوجد في غيره، وفيه أجمل ما في اللسان العربي المبين من أساليب البيان، ومن ذلك ما في هذه الآية الكريمة، وقد جلَّى طرفا من ذلك البيان الطاهر بن عاشور في تفسيره: التحرير والتنوير، فقال: "وَإِنَّمَا أَفْرَدَ لَفْظَ (عَمٍّ) وَجَمَعَ لَفْظَ (عَمَّاتٍ) لِأَنَّ الْعَمَّ فِي اسْتِعْمَالِ كَلَامِ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى أَخِي الْأَبِ وَيُطْلَقُ عَلَى أَخِي الْجَدِّ وَأَخِي جَدِّ الْأَبِ وَهَكَذَا فَهُمْ يَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ بَنُو عَمٍّ أَوْ بَنَاتُ عَمِّ، إِذَا كَانُوا لِعَمٍّ وَاحِدٍ أَوْ لِعِدَّةِ أَعْمَامٍ، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنَ الْقَرَائِنِ. قَالَ الرَّاجِزُ أَنْشَدَهُ الْأَخْفَشُ:

مَا بَرِئَتْ مِنْ رِيبَةٍ وَذَمِّ ... فِي حَرْبِنَا إِلَّا بَنَاتُ الْعَمِّ

وَقَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:

قَالَتْ بَنَاتُ الْعَمِّ يَا سَلْمَى وَإِنْ ... كَانَ فَقِيرًا مُعْدَمًا قَالَتْ وَإِنْ

فَأَمَّا لَفْظُ (الْعَمَّةِ) فَإِنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ الْجِنْسَ فِي كَلَامِهِمْ، فَإِذَا قَالُوا: هَؤُلَاءِ بَنُو عَمَّةٍ، أَرَادُوا أَنَّهُمْ بَنو عمَّة معيّنة، فَجِيءَ فِي الْآيَة: عَمَّاتِكَ جمعا، لِئَلَّا يفهم مِنْهُ بَنَات عمَّة مُعينَة. وَكَذَلِكَ القَوْل فِي إِفْرَاد لفظ (الْخَال) مِنْ قَوْلِهِ: بَناتِ خالِكَ وَجَمْعُ الْخَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَبَناتِ خالاتِكَ."

وجاء توجيه آخر لذلك في تفسير ابن كثير حيث قال: إنما قال وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك، فوحد لفظ الذكر لشرفه وجمع الإناث لنقصهن، كقوله عن اليمين والشمائل، يخرجهم من الظلمات إلى النور، وجعل الظلمات والنور وله نظائر كثيرة.... انتهى.
وهذا من أساليب العرب في لغتهم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني