الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صنع الدمى على شكل شخصيات إنمي

السؤال

أنا كنت أرسم الإنمي للاستمتاع، وكموهبة، بعدها علمت أنه لا يجوز، فأرسلت إليكم بسؤال، فأجبتم بأنه يجوز إن كان هادفًا وللمصلحة العامة؛ فبدأت بإنتاج قصة إنمي هادفة، ولكن بعد فترة بدأت أوسوس، وأني أفعل الحرام برسم ذوات الأرواح، فقررت الابتعاد عنه، والتخلص من رسوماتي بطمس الوجه، واتجهت إلى هواية صنع الدمى بشخصيات إنمي، ولكن بدون وجه إلا الأعين أضع بدلها أزرار ملابس.
سؤالي هنا: ما حكم صنعها؟ وهل تعتبر أيضًا من ذوات الأرواح؟
وجزاكم الله خيرًا على جهودكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في صناعة الدمى بدون ملامح من القماش ونحوه, وذلك لما رواه أبو داود، والنسائي, وصححه الألباني عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بناتي, ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع, فقال: "ما هذا الذي أرى وسطهن؟" قالت: فرس, قال: ما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان. قال: "فرس له جناحان؟!" قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلًا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.
واتخاذ اللُّعب من الدمى، وصناعتها من القماش ونحوه، مستثنى من عموم النهي عن اتخاذ الصور؛ قال الحافظ في الفتح عند حديث عائشة: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي. قال: وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ صُوَر الْبَنَات، وَاللَّعِب مِنْ أَجْل لَعِب الْبَنَات بِهِنَّ، وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم النَّهْي عَنْ اِتِّخَاذ الصُّوَر، وَبِهِ جَزَمَ عِيَاض, وَنَقَلَهُ عَن الْجُمْهُور.
وأما ما ظهر منها في هذا العصر بملامح واضحة مما لم يكن في العصر الأول: فالأحوط اجتنابها, والاستغناء عنها بغيرها، وقد سئل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- كما في مجموع فتاواه: هناك أنواع كثيرة من العرائس، منها ما هو مصنوع من القطن، وهو عبارة عن كيس مفصل برأس ويدين ورجلين، ومنها ما يشبه الإنسان تمامًا، ومنها ما يتكلم أو يبكي أو يمشي، فما حكم صنع أو شراء مثل هذه الأنواع للبنات الصغار للتعليم والتسلية؟
فأجاب بقوله: أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل، وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس، ولكن لم تتبين فيه الخلقة، فهذا لا شك في جوازه، وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة -رضى الله عنها- تلعب بهن.

وأما إذا كان كامل الخلقة، وكأنما تشاهد إنسانًا، ولا سيما إن كان له حركة أو صوت، فإن في نفسي من جواز هذه شيئًا؛ لأنه يضاهي خلق الله تمامًا، والظاهر أن اللُّعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف، فاجتنابها أولى، ولكني لا أقطع بالتحريم؛ نظرًا لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسالي، وليس مكلفًا بشيء من العبادات حتى نقول: إن وقته يضيع عليه لهوًا وعبثًا. وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس، أو يحميه على النار حتى يلين، ثم يضغطه حتى تزول معالمه. انتهى.

وعليه؛ فإذا كانت الدمى التي تصنعينها -كما ذكرت- بدون ملامح الوجه سوى العينين، فإنك تجعلين مكانهما أزرارًا، فالظاهر أن ذلك جائز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني