الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رؤيا المنام... آداب وأحكام

السؤال

ما قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأحلام؟ وهل لها معنى ويمكن أن يتحقق حلم ما أو أن يحلم الإنسان بشيء سيء فيحدث له سوء أم أنها لا تعبر عن أي شيء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد قسم الرسول صلى الله عليه وسلم ما يراه الإنسان في منامه إلى ثلاثة أقسام: رؤيا من الرحمن، وحلم من الشيطان، وحديث النفس. وقد سبق ذكرها، وما يتعلق بكل قسم منها من حكم شرعي، وذلك في الفتوى: 4473.

وقد يرى الإنسان في منامه ما يسوء فيتحقق ما رأى، روى البخاري ومسلم عن أبي موسى - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفاً فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد.

وقد أرشد الشرع الحكيم إلى بعض الآداب التي ينبغي أن يفعلها من رأى في منامه ما يكره، فعن أبي قتادة - رضي الله تعالى عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره، فقال: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل من جبل فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها. متفق عليه، واللفظ لمسلم، وقال في آخره وزاد ابن رمح في رواية هذا الحديث: وليتحول عن جنبه الذي كان عليه. وفي رواية لأحمد عن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الرؤيا من الله، والحُلم من الشيطان فمن رأى رؤيا يكرهها فلا يخبر بها وليتفل عن يساره ثلاثاً وليستعذ بالله من شرها فإنها لا تضره.

وعلم من هذا الحديث وأمثاله أن تلك الآداب تتلخص فيما يلي:

أولا أن يتفل الرائي عن يساره ثلاثا، وليكن تفله خفيفا.

ثانيا: أن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان. مما ورد عن السلف في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه»: عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، قَالَ: كَانُوا إِذَا رَأَى أَحَدُهُمْ فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ قَالَ: أَعُوذُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ شَيْءٌ أَكْرَهُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، انتهى .

ثالثاً: أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه، ذكره مسلم في صحيحه

رابعا: أن لا يذكرها لأحد، فإنها لن تضره، بإذن الله تعالى.

خامسا: أن يقوم فيصلي. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "ووقع عند المصنف في "باب القيد في المنام" عن أبي هريرة خامسة وهي الصلاة ولفظه: "فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصل " لكن لم يصرح البخاري بوصله وصرح به مسلم كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ." انتهى.

ورواية البخاري رواها عن محمد بن سيرين ولفظها: قَالَ مُحَمَّدٌ (أي ابن سيرين) وَأَنَا أَقُولُ هَذِهِ قَالَ وَكَانَ يُقَالُ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ حَدِيثُ النَّفْسِ وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ وَبُشْرَى مِنْ اللَّهِ فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلَا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ..." انتهى.

وأما رواية مسلم فهي : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ». قَالَ « وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِى الدِّينِ ».
لكن مسلما رحمه بعد ما رواها بسنده قال: فَلاَ أَدْرِى هُوَ فِى الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ. انتهى.

وعلى أي حال فالحديث رواه أحمد والترمذي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه: عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا والرؤيا ثلاث الحسنة بشرى من الله والرؤيا يحدث الرجل بها نفسه والرؤيا تحزين من الشيطان فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فلا يحدث بها أحد وليقم فليصل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني