السؤال
نحن أسرى من فلسطين عند دولة الاحتلال الصهيوني، وبعد الخروج من السجن تعطي وزارة الأسرى تسهيلات للأسرى المفرج عنهم من قبل الاحتلال مثل دورة سياقة، أو حلاقة، أو دراسة جامعية... ومن هذه التسهيلات إعطاء قرض مسترد من قبل الوزارة لعمل مشروع للأسير المفرج عنه لكي يستطيع العيش من إنتاجه عن طريق البنوك، وتكون له نسبة فوائد قليلة كحد أقصاه 2.5 % على أن تكون فترة السداد 6 سنوات، فهل هذه الفائدة حلال أم حرام، علما بأن بعض المشايخ أفتاهم بأن هذه النسبة بدل أتعاب للبنك، ولا حرمة فيها؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل أولا على أن الربا كثيره وقليله حرام، ولا يجوز الدخول في عقد يتضمنه، لما روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. يعني في الإثم.
قال المناوي في فيض القدير: إذا شرط المقرض نفعا يجره إليه من نحو زيادة قدر، أو صفة، فهذا هو الربا المحرم.
كما ننبهه أيضا على أنه لا عبرة بتسمية الفوائد الربوية رسوم خدمة، إذا لم تكن كذلك فعلا، لأن العبرة بالحقائق لا بالمسميات، فرسوم الخدمة الفعلية التي يحتاجها استخراج القرض جائزة، وهذه الرسوم تكون مبلغا مقطوعا ـ لا نسبة ـ ولا ترتبط بمبلغ القرض ولا مدته، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: ولا يعد من قبيلها ـ أي الفوائد الربوية ـ الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض، أو مدته مقابل هذه الخدمة، وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً. اهـ
كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم: 13ـ 10ـ2ـ و 13 ـ 1ـ3.
وذلك، لأن الرسوم الإدارية لإجراء معاملة القرض إن كانت محددة غير مرتبطة بمبلغ القرض، وإنما هي أجرة التكلفة الفعلية لبذله، فهي مثل أجرة الكيال والوزان لو كان القرض مكيلا، أو موزونا، قال العز بن عبد السلام: تجب أجرة الكيال والوزان على من عليه الدين. اهـ
وأما لو كانت تلك الزيادة نسبة ـ كما في السؤال ـ فهذا يعني ارتباطها بملغ القرض زيادة ونقصا، فتكون فوائد ربوية محرمة، ولا يجوز الإقدام على القرض المتضمن لها ما لم تلجئ إليه ضرورة معتبرة، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أوأن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة ـ في حال ثبوتها ـ تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة أو وجد ما يقوم مقامها، فلا يجوز التعامل بالربا ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم القاطع.
والله أعلم.