الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلزم الحكم على المعين المسلم بالكفر إذا قال أو فعل مكفِّرا

السؤال

دار حوار بيني بين والدي قبل وفاته بأشهر، فقال لي: هل تصدّق أن الأموات سيبعثون يوم القيامة؟ فقلت له: بلى، فقال: كيف يبعث الله جميع الناس منذ آدم ـ عليه السلام ـ إلى آخر مخلوق على وجه الأرض؟ وكيف ستتّسع لهم الأرض؟ فقلت: الله خلقنا والسماوات والأرض، وهذا أمر بسيط لا يعجزه، فكيف -يا والدي- وأنت تصلي وتعبد الله، ولا تؤمن بهذا؟ فقال لي: الصلاة شيء جيد، مع أنه كان دائمًا يأمرني بالصلاة حين كنت تاركًا لها، فهي مثل الدروس التي تعلمنا وتفيدنا، أما بعد الموت: فالإنسان يبلى، وينتهي، وتنتهي حياته، فلم أعرف كيف أجيبه، أو أرد على شبهه، مع إيماني ويقيني ـ ولله الحمد ـ بالقيامة، والبعث، والآخرة، والجنة والنار، وكل ما جاءنا به القرآن والسنة، ولا أعلم هل قال ذلك جهلًا منه أم كبرًا ـ الله أعلم- مع العلم أن والدي يصلي... ومنذ وفاته إلى الآن وأنا أستغفر له، ولوالدتي، ولكنني قرأت أن سيدنا إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يعد يستغفر لوالده، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور قبر أمه ولا يستغفر لها لكفرها، وكفر والد إبراهيم ـ عليه السلام ـ فهل والدي مات على الكفر؟ وهل أدعو وأستغفر له؟ أم أتوقف عن ذلك خشية أن أكون ممن يوادون من حاد الله ورسوله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن الإيمان بالبعث واليوم الآخر أحد أركان الإيمان، وأسسه العظام، التي لا يقوم إلا بها، و أن إنكار البعث والنشور، والحساب والجزاء في الآخرة من أغلظ أنواع الكفر باتفاق المسلمين، وانظر بيان ذلك وتقريره في الفتوى رقم: 113689، وإحالاتها.

لكن المسلم إذا قال أو فعل ما هو من الكفر لا يلزم الحكم عليه بعينه بالكفر؛ إذ الحكم على المعين بالكفر موقوف على اجتماع الشروط، وانتفاء الموانع، ومرد الحكم بذلك إلى أهل العلم، الذين من شأنهم التحقق من اجتماع الشروط، وانتفاء الموانع، ومن ثبت إسلامه بيقين، فلا يخرج منه إلا بيقين، وراجع تفصيل هذه الجمل في الفتوى رقم: 102922، والفتوى رقم: 313477.

فما تفوه به والدك لا شك في أنه كفر، لكن لا يلزم منه الحكم عليه بعينه بالكفر، ومعاملته معاملة الكفار، فقد يكون جاهلًا، أو رجع عما قاله، أو غير ذلك من الاحتمالات، فما دام والدك مظهرًا للإسلام، فالأصل أنه باق عليه، وتجري عليه أحكامه، فلا حرج عليك في الاستغفار، والدعاء له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني