السؤال
أنا مسلم فرنسي من عائلة كافرة نصرانية كاثوليكية ـ هداهم الله ـ من الذين أسلموا في أوربا، وهاجروا إلى المملكة المغربية، بينما كنت صغيرا دون سن البلوغ، فتح والدي حسابا لي في أحد البنوك في فرنسا، ووضع في ذلك الحساب الربوي مبلغا يسيرا من المال يصعب تحديده الآن، ومع مرور السنوات بلغ هذا المبلغ القليل بالربا ما يكفي لشراء منزل على سبيل المثال، ثم أسلمتُ ـ ولله الحمد والمنة ـ ولم أكن أدري عن وجود هذا المال حتى بدأتُ أعتمد على نفسي مستغنيا عن نفقة والدي، وحينئذ أخبرني عن هذا الحساب وقال لي: بأنه لي، وأعطاني الحق في أن أتصرف فيه كيف أشاء، إلا أنني أسلمتُ قبل ذلك فتوقفتُ في حكم هذا المال، وأخبرتُ والدي بأنني لا آخذ من مال الربا، فغضب لأنني رفضتُ ما قدم لي، ومرت شهور منذ أعطاني حق التصرف فيه، والحساب لازال في زيادة ربوية، فما حكم هذا المال؟ وهل يحل لي؟ وإلا فكيف أتخلص منه؟ وهل بإنفاقه على فقراء مسلمين معينين؟ أم لابد من إنفاقه في المصالح العامة للمسلمين ما عدا بناء المساجد؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منَّ عليك بالهداية، ونسأله سبحانه ألا يزيغ قلبك بعد أن هداك للإيمان، وأما ما سألت عنه حول فتح والدك حسابا باسمك في بنك ربوي، فهذه هبة منه لك، فينظر في الفوائد الربوية، فما كان منها قبل إسلامك، فلا يلزمك رده، لأن الإسلام يجب ما قبله، ولك الانتفاع به، قال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا عامل كافرا بالربا، وأسلما بعد القبض وتحاكما إلينا، فإن ما قبضه يحكم له به، كسائر ما قبضه الكافر بالعقود التي يعتقدون حلها. اهـ
وما جاء من تلك الفوائد بعد إسلامك وعلمك بحرمتها، فتخلص منها بدفعها للفقراء والمساكين، أو صرفها في مصالح المسلمين العامة، وإذا كنت أنت فقيرا فلك أن تأخذ منها قدر حاجتك لفقرك، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه ـ المال الحرام ـ إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير، بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.
ولا تدع المال بالبنك الربوي إلا إذا كنت محتاجا لحفظه، ولا تجد بنكا إسلاميا، فلك إيداعه بالبنك الربوي بحساب جار، لأنه أخف، وبه تندفع الحاجة، وهي تقدر بقدرها.
والله أعلم.