السؤال
فتنت منذ سنوات ببعض الشهوات المحرمة التي أتوب منها ثم أعود بشكل أسوأ من السابق، وأعلم أن ما أقوم به من مقدمات الزنا أو زنا الجوارح لم يصل الزنا الصريح... ولا أتورع عن مشاهدة المشاهد الإباحية وأتوب عنها فترة ثم أعود، وبعد فترة بدأت بالتعرف على الفتيات خاصة الأجنبيات لأغراض مختلفة، فمنهن من وعدتها بالزواج وكانت بيننا محادثات هاتفية وفيديو فيها ما فيها من كلام ومشاهد بين المتزوجين فقط، أو مشاهدتهم عراة، وأثناء ذلك تعرفت على فتاة بغرض الزواج ووعدتها بالزواج بالفعل وتركتها بعد أن كانت بينا أحضان وقبلات ومحاثات هاتفية لا يقال فيها غير تفاصيل العلاقة الزوجية، وتكرر الموقف مع فتاة أخرى وتركتها أيضا، ثم تعرفت على أخرى وشاركتها الفراش مرة كانت فيها قبلات... والآن تعرفت على فتاة وقد أسرت لي بزناها مع أحد أقاربها، فقمت بالإفصاح لها عن بعض ما كنت أقوم به في الماضي وانجرفنا أيضا لأحضان، وبعد أن كنت حقيقة أفكر في هذه الفتاة كزوجة وجدت أنني متردد بسبب الآية: الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم الفتنة أن يفتن القلب بالشهوات، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالنساء، فإنها من أعظم الفتنة التي حذر منها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وفي الحديث المتفق عليه عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء.
وإن من الخطورة بمكان أن تتجرأ على أعراض الناس، والمسلم السوي لا يرضى لأعراضهم ما لا يرضاه لعرضه، ولو أنك استشعرت هذا المعنى ما فعلت ما فعلت، وراجع الفتوى رقم: 72497.
وطالما أنك تتوب بعد الذنب فأنت على خير ـ إن شاء الله ـ وقد جاء بذلك خبر في السنة النبوية ضمناه الفتوى رقم: 61553، فراجعها.
ولكن لا تغتر بذلك فما يدريك أن تستمر على المعصية ولا تتوب بعدها حتى تصبح إلفا وعادة، وتزول وحشتها من قلبك ويحال بينك وبين التوبة، أو يدركك الموت وأنت على المعصية، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {الأنفال:24}.
قال ابن القيم في الفوائد: فوجه المناسبة أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها فلا تأمنوا أن يحول الله بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته... اهـ.
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح وقطع كل علاقة لك بامرأة أجنبية عنك، والعمل على ما يعينك على الثبات، وهنالك جملة من التوجيهات تجدها في الفتاوى التالية أرقامها: 1208، 10800، 12928.
وكان الواجب عليك أن تستر على نفسك فلا تخبر بما سبق وأن وقعت فيه من المعاصي أحدا لا هذه الفتاة ولا غيرها، وقد أساءت هي أيضا حين أخبرتك بوقوعها في الزنا مع ذلك الشاب، فالواجب التوبة من ذلك أيضا، وراجع الفتوى رقم: 33442.
وقد وقع الخلاف بين الفقهاء في حكم زواج الزاني بمن زنى بها قبل التوبة والاستبراء، وسبق أن أوضحنا أقوالهم ومعنى الآية التي أشرت إليها في الفتوى رقم: 5662.
وأنت على كل حال لست ملزما شرعا بالزواج منها تابت أم لم تتب، وإذا تابت فتزوجها وإلا اجتنبها وابحث عن امرأة صالحة تحفظك في نفسها وتربي ولدك على الخير والفضيلة.
والله أعلم.