الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخراج كفارة تأخير قضاء صيام رمضان نقودا

السؤال

أنا طبيبة في مشفى أطفال، كنت لا أقضي الأيام التي فاتتني من رمضان بسبب العادة، وبعدها تبت إلى الله، وقمت بقضائها كلها، وبقي علي دفع كفارة تأخير القضاء؛ لأني علمت بوجوب القضاء قبل دخول رمضان الثاني، لكني لم أقض.
المهم أني تبت والحمد لله، وصمت الأيام المطلوبة، ولكن بقيت علي كفارة القضاء، وعلمت من الفتاوى السابقة أنها يجب أن تكون طعاما وليست مالا، ولكني أخذت المال، ونويت أن أشتري به الطعام للفقراء، والتقيت بامرأة محتاجة بالفعل، وأخبرتها أني أريد أن أدفع لها كفارة قضاء 40 يوما من رمضان، أي ما يعادل ستين كيلا من الطحين أو الأرز، فقالت لي إنها تريد المال؛ لأنها تشتري نوعا خاصا من الطحين، والأرز، ومن مكان خاص، لا أعلم أين يكون؟ لهذا قمت بتسليمها مبلغا من المال يكفي لشراء خمسين كيلا من الطحين، وعشرة كيلوات من الأرز، وقد اختارت هي هذه القسمة بنفسها؛ لأنها تحتاج إلى هذين الصنفين من الطعام، لإطعام أطفالها الجياع، وزدت في المال، وأعطيتها ما يكفي لأجرة الذهاب والإياب، ونقل الأكياس.
فهل هذا يجزي عن دفع الطعام، علما أن الفقيرة اختارت بنفسها المال، ورأته أفضل؛ لأنها تحتاج لنوع خاص من الطحين والأرز؟
أرجوكم أخبروني؛ لأني كثيرة الوسواس فيما يتعلق بهذا الأمر، وأنا طبيبة، ولا أملك وقتا لأخذ أكياس الطعام، وتوزيعها، لكني ألتقي بفقراء كثر بالمشفى، وكان أسهل علي بكثير إعطاء المال بدل الطعام، والفقراء يرون ذلك أفضل من إلزامهم بالطعام؟
وشكراً لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك, وأن يثبتك على طريق الصواب, وأن يوفقك لكل خير, ثم إن كفارة تأخير القضاء، تلزمك عن كل يوم من أيام رمضان، إذا كان التأخير عمدا، مع العلم بحرمة ذلك, أما إذا كان تأخير القضاء نسيانًا, أو جهلًا بحرمة التأخير؛ فلا يجب عليك غير القضاء، وانظري الفتوى رقم: 185691.

ويتعين إخراج الطعام في الفدية, ولا تجزئ قيمته عند جمهور أهل العلم. ومنهم من يرى جواز إخراج القيمة كالحنفية، ومنهم يرى الجواز إذا ترتبت على إخراج القيمة مصلحة للفقراء، وراجعي في ذلك الفتوى رقم:27270.
وإخراج الفدية نقودا، قول مرجوح عندنا، لمخالفته مذهب الجمهور, لكننا قد بيّنّا في الفتوى رقم: 125010، أن الأخذ بالقول المرجوح والفتوى به بعد وقوع الأمر مما سوغه كثير من العلماء, وبالتالي فما فعلته، مجزئ عنك.

كما يجزئ دفع ما لزمك من فدية لمسكين واحد؛ لأن كل يوم من أيام القضاء عبادة مستقلة بذاتها, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 157845, والفتوى رقم: 119157.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني