الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: إنما الدنيا لأربعة نفر...

السؤال

أرجو توضيح حديث: إنما الدنيا لأربعة نفر.
هل قول شيء لا يرضي الله، نأثم عليه، كفاعله؟
وهل إن طلب، أو قال الرجل شيئا حراما لزوجته، يأثم عليه كفاعله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم يتبين لنا مراد السائل من سؤاله تبينا تاما، وعلى أية حال، فالحديث الذي أشار إليه السائل، دليل على أن النية الجازمة التي تقترن بما يقدر عليه صاحبها: لها تأثير, فإن تعلقت بطاعة، كان صاحبها مثابا، وإن تعلقت بمعصية، كان آثما.

يقول ابن القيم في طريق الهجرتين: قاعدة الشريعة: أن العزم التام، إذا اقترن به ما يمكن من الفعل، أو مقدمات الفعل، نزل صاحبه في الثواب والعقاب، منزلة الفاعل التام، كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار"، قالوا: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصاً على قتل صاحبه". وفي الترمذي ومسند الإمام أحمد من حديث أبي كبشة الأنماري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً، فهو يتقي في ماله ربه، ويصل به رحمه، ويعلم لله فيه حقاً، فهذا بأحسن المنازل عند الله، وعبد رزقه الله علماً، ولم يرزقه مالاً، فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، وهما في الأجر سواءٌ، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً، فهو لا يتقي في ماله ربه، ولا يصل به رحمه، ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأسوأِ المنازل عند الله، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، وهما في الوزر سواءٌ"، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن وزر الفاعل والناوي الذي ليس مقدوره إلا بقوله دون فعله، سواءٌ؛ لأنه أتى بالنية، ومقدوره التام، وكذلك أجر الفاعل والناوي الذي اقترن قوله بنيته. وكذلك المقتول الذي سل السيف، وأراد به قتل أخيه المسلم فقتل، نزل منزلة القاتل لنيته التامة التي اقترن بها مقدورها من السعي والحركة. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 153195, والفتوى رقم: 253183.

وبناء على ما سبق, فمن تكلم بفعل الحرام، أو طلب من غيره فعله، جازما بنيته، ساعيا إليه، فحال بينه وبين الحرام حائل خارجي، أو لم يفعله عجزا عنه، فإنه كفاعله في الإثم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني