الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لا أعلم كيف أبدأ، ولكن باختصار: تعرفت إلى فتاة عبر الإنترنت، وكانت لي كأخت في الله، وبعد سنتين تزوجت، واختفت فجأة، ثم عادت بعد فترة، وتحدثت إليّ، وكانت تحكي لي عن شكوكها تجاه زوجها، وأنها تشك في أنه يخونها، وكنت أنصحها بأنها مجرد هواجس، ووسوسة، وعليها ألا تعطي للشيطان الفرصة للوسوسة، وأن تتقرب من الله، وكانت تغيب فترة، وترجع تحدثني أنها تشعر بأن بها مسًّا، وفي يوم حدثتني وقالت: إنه كان بها مسّ، وتعالجت -بفضل الله-، وأن علاقتها بزوجها أصبحت أفضل، فقلت لها: الحمد لله، واتقي الله في بيتك وزوجك، ولا تعطي الشيطان فرصة أخرى، وتقربي من الله، وقالت لي: إنها الآن سعيدة، ويعلم الله أني كنت أتقي الله معها في كل حديث، وكل كلمة، وأحدثها أنها أخت في الله، وآخر مرة أخبرتني أنها تسجل اسمي عندها باسم فتاة، وكانت هذه بداية الإحساس أنني أفعل شيئًا حرامًا، وبعد يومين جاءتني مكالمة من رقم، وعندما أجبته وجدت رجلًا يتحدث إليّ، وقال لي: إن رقمي مسجل عنده، وسمعت صوتها تتحدث إلى جانبه، وعندها أدركت أنه زوجها، وعندها أغلق الهاتف، ففكرت، وخفت أن يتم خراب بيتها، وسمعتها عند زوجها، فطلبت من أخت لي أن تحدثها من رقمي على أنها صديقتها، أعلم أن ذلك خطأ، ولكن اعتقادًا مني أنها من الحالات المباح فيها الكذب، وهي الصلح بين اثنين، لكن زوجها بعد فترة طلبني مرة أخرى، وطلب مني الحقيقة، واضطررت للكذب مرة أخرى، وأن أقول: إنني أخو صديقتها، وأنها من أشرف البنات، وأنه لا يربطني بها شيء، فأجابني أنها اعترفت له بكل شيء، وأنه سيطلقها، وحاولت أن أخبره بكل الطرق أنها شريفة، ولا تربطني بها أي علاقة، وأنها تحبه، فقلت له: إني مستعد أن أقابلك لأثبت لك حسن نيتي، وأني لم أسئ إليك، ولا لشرفك في زوجتك، ولكن بلا جدوى.
أنا الآن أشعر بالذنب، والأسى، وأني عصيت الله، فأرجو منكم أن تفيدوني: كيف أكفّر عن ذنبي؟ جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد وضع الإسلام حدودًا، وضوابط للتعامل مع المرأة الأجنبية، لا يجوز للمسلم تجاوزها، أو التساهل فيها.

وفتنة النساء من أعظم الفتن، روى مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بنى إسرائيل، كانت في النساء.

ومجرد المحادثة باب عظيم من أبواب الفساد؛ ولذلك شدد العلماء فيها، بل شددوا في مجرد سلام الرجل على الشابة، مع أن السلام قد يكون في لحظة عابرة، فكيف بمحادثة قد تمتد مدة من الزمن؟ وراجع الفتوى رقم: 21582.

فتواصلك مع هذه المرأة أمر منكر، ولا يسوغه ما ذكرت من كون ذلك من باب الأخوة في الله، فهذه قد تكون من حيل الشيطان التي قد يحاول بها إغواء بني آدم، فلو أنك اتقيت الله تعالى، كنت في عافية مما حدث بعد ذلك، فالواجب عليك التوبة النصوح.

والكذب محرم، بل كبيرة من كبائر الذنوب، ولكن قد يباح أحيانًا إن كان ثمة مصلحة راجحة، كما بينه أهل العلم، وراجع بهذا الخصوص فتوانا رقم: 136221.

وبناء على كلامهم في هذه الفتوى، نرجو أن لا يكون عليك حرج فيما أقدمت عليه من الكذب لغرض الإصلاح، والمحافظة على شمل هذه الأسرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني