السؤال
من صلّى المغرب منفردًا في بيته، ثم خرج إلى المسجد المجاور، فأدرك صلاة العشاء جماعة، فقد كانوا يجمعون بعذر المطر، فهل يدخل معهم في صلاة العشاء مباشرة بعذر المطر؟
من صلّى المغرب منفردًا في بيته، ثم خرج إلى المسجد المجاور، فأدرك صلاة العشاء جماعة، فقد كانوا يجمعون بعذر المطر، فهل يدخل معهم في صلاة العشاء مباشرة بعذر المطر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجوز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر، وقد بينا ذلك، وشروط صحة الجمع في الفتويين التالية أرقامهما: 21550، 131911.
وأما عن الحالة المسؤول عنها، وهل يدخل معهم في صلاة العشاء؟ فإن كان الفاصل بين صلاته المغرب، وإدراكه العشاء مع الجماعة طويلًا، فإن الأحوط أن لا يصلي معهم العشاء جمعًا، بل يؤخرها لدخول وقتها، وإن كان الفاصل يسيرًا، فله أن يصلي معهم العشاء؛ لأن من شروط الجمع بين الصلاتين في قول جمهور أهل العلم: أن يوالي بين الصلاتين، ولا يفصل بينهما، إلا إذا كان الفاصل يسيرًا، كقدر الإقامة، أو الوضوء، جاء في الموسوعة الفقهية: الْمُوَالاَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ:
10 - قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ): تُشْتَرَطُ الْمُوَالاَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ، بِأَنْ لاَ يَفْصِل بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ طَوِيلٌ؛ لأِنَّ الْجَمْعَ يَجْعَلُهُمَا كَصَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَبَ الْوَلاَءُ، كَرَكَعَاتِ الصَّلاَةِ، أَيْ: فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ فِي صَلاَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ طَوِيلٍ، وَلَوْ بِعُذْرٍ، كَسَهْوٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، بَطَل الْجَمْعُ، وَوَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى وَقْتِهَا؛ لِفَوَاتِ الْجَمْعِ، وَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ، لَمْ يَضُرَّ، كَالْفَصْل بَيْنَهُمَا بِالأْذَانِ وَالإْقَامَةِ، وَالطَّهَارَةِ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ أُسَامَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ، فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُل إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَل بَيْنَهُمَا ... وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ - جَمْعَ تَقْدِيمٍ- وَإِنْ طَال بَيْنَهُمَا الْفَصْل، مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الأْولَى مِنْهُمَا. اهــ.
وجاء فيها أيضًا: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ، إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ:....
ثَالِثُهَا: الْمُوَالاَةُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ، وَهِيَ أَنْ لاَ يَفْصِل بَيْنَهُمَا زَمَنٌ طَوِيلٌ، أَمَّا الْفَصْل الْيَسِيرُ فَلاَ يَضُرُّ؛ لأِنَّ مِنَ الْعَسِيرِ التَّحَرُّزَ مِنْهُ، فَإِنْ أَطَال الْفَصْل بَيْنَهُمَا، بَطَل الْجَمْعُ، سَوَاءٌ أَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِنَوْمٍ، أَمْ سَهْوٍ، أَمْ شُغْلٍ، أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَالْمَرْجِعُ فِي الْفَصْل الْيَسِيرِ وَالطَّوِيل الْعُرْفُ، كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الأْمُورِ الَّتِي لاَ ضَابِطَ لَهَا فِي الشَّرْعِ، أَوْ فِي اللُّغَةِ، كَالْحِرْزِ، وَالْقَبْضِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّرَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ الْفَصْل الْيَسِيرَ بِقَدْرِ الإْقَامَةِ، وَزَادَ الْحَنَابِلَةُ وَقَدْرِ الْوُضُوءِ. اهـ.
ومن أهل العلم أيضًا من يشترط لصحة الجمع أن توجد نية الجمع عند افتتاح الصلاة الأولى، كما بيناه في الفتوى رقم: 234793.
وعلى هذا القول أيضًا؛ فإنه لا يدخل معهم في صلاة العشاء، ما دام لم ينوِ الجمع في صلاة المغرب.
وبعض الفقهاء لا يرى اشتراط نية الجمع، كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد بينا في الفتوى رقم: 327217 أن هذا القول له وجه قوي.
وينبغي للشخص المشار إليه في السؤال أنه صلى المغرب في البيت وحده ينبغي له أن يحرص على أداء الصلاة جماعة في المسجد؛ فإنها من أعظم العبادات، وكثيرٌ من أهل العلم يرى وجوبها.
ولو فاتته في المسجد جماعة، وأراد أن يصليها في البيت، فليحرص على صلاتها جماعة أيضًا مع أهل بيته، أو بعضهم حتى ينال ثواب الجماعة.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني