الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتابة كلمة (يرجو) في المصاحف وعند النحاة

السؤال

كنت أقرأ وأبحث عن آية: فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا.. فلاحظت أنه في موقعكم وفي مواقع أخرى تكتبون كلمة: يرجوا ـ أحيانا هكذا: يرجو لقاء ربه ـ بدون الألف بعد الواو، وأحيانا تكتبون نفس الآية: يرجوا لقاء ربه ـ بكتابة الألف بعد الواو، فهل هو خطأ إملائي منكم؟ أم هناك قاعدة أخرى؟ مع العلم أنها في المصحف مكتوبة: يرجوا ـ فإذا رأيت من يكتبها بإحدى الطريقتين، فهل يجب علي الإنكار والتصحيح؟ أم كلاهما صحيح؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل في كتابة القرآن في المصاحف وغيرها هو وجوب كتابة الألف بعد واو يرجو في قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف:110}.

ولا نعلم خلافا في ذلك، بل إن ظاهر كلام صاحب مورد الظمآن هو اتفاق أهل العلم على ذلك، فقد قال المارغني في دليل الحيران على مورد الظمآن: وبعد واو الفرد أيضًا ثبتت ... وبعد أن يعفو مع ذو حذفت ـ أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الألف زيدت بعد واو الفرد أيضا، يعني بعد واو فعل الفرد المتطرفة، وأن الألف حذفت بعد أن يعفو ذو حيثما وقعت في القرآن..... واعلم أن زيادة الألف بعد واو الفرد إنما هو أهل المصاحف، وأما عند النحاة فزيادة الألف خاصة بواو الجمع، ووجه زيادة الألف هنا، وفيما تقدم في قوله: وزيد بعد فعل جمع ـ البيت، الدلالة على فصل الكلمة عما بعدها، وصحة الواقع عليها احترازا عما إذا وقع بعدها. اهـ.

وقد راعينا الرسم العثماني في كتابة المصاحف الموجودة بموقعنا وكتبنا فيها الألف بعد الواو من يرجو، وأما ما ذكرته من عدم كتابتها بألف بعد الواو فانظر فلعلك وجدته في آية استشهد بها كاتب في تأليف أو مقال، وهذا لا تلزم فيه مراعاة قواعد الرسم العثماني، ولكن الأولى اتباع الرسم العثماني، فقد قال الدكتور عبد القيوم السندي في جمع القرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين: مما مر بنا من أدلة مذهب الجمهور تظهر قوة قولهم وترجيحه, ولكن يجب علينا أن نفرق في هذا المقام بين كون الرسم توقيفا, وبين وجوب الالتزام بالرسم العثماني, فالأدلة التي ذكرت في قول الجمهور لا يصرح شيء منها بكون الرسم توقيفا, لعدم وجود دليل صريح من الكتاب أو السنة على ذلك، أما وجوب الالتزام بالرسم العثماني فنعم، وأقوى دليل عليه هو إجماع الصحابة أولا ثم إجماع الأمة الإسلامية منذ العصور المتقدمة، كما أنه ينبغي أن يفرق هنا بين الالتزام بالرسم العثماني لكتابة المصاحف الأمهات, وبين كتابة الآيات القرآنية في غير المصاحف فبالنسبة لكتابة المصاحف الأمهات: فأرجح في ذلك قول الجمهور, أما بالنسبة لكتابة الآيات القرآنية المفرقة في غير المصاحف كالاستشهاد بآية أو بجزء منها في مؤلف أو في رسالة علمية أو في الأجزاء المفرقة التي تطبع لتعليم الناشئة فينبغي فيها الالتزام بالرسم العثماني فيها، وهو الأحوط للخروج عن الخلاف، ولكن لم يتضح لي وجوب الالتزام بالرسم العثماني فيها. اهـ.

وأما عن الكلام مع من رأيته يكتبها من دون ألف: فإن كان ذلك في كتابة القرآن في المصحف فيلزم نصحه وتنبيهه على وجوب كتابة الألف، فقد نص الإمام مالك وأحمد ـ رحمهما الله تعالى ـ على المنع من تغيير رسم القرآن الذي كتبه به الصحابة رضي الله عنهم، كما قال صاحب المقرب المبسوط في المرسوم والمضبوط:

الرسم لا يجوز أن يغيرا * عما له خير القرون سطرا

فأحمد بن حنبل ومالك * نصا على اتباعهم في ذلك. انتهى.

وأما في غير ذلك: فلا يلزم تنبيهه، لما ذكرنا من عدم وجوب ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني