السؤال
أتعب جدا في الغسل الواجب، فيأخذ مني حوالي ساعتين ونصف، أو ثلاث ساعات، لدرجة أني أصبحت لا أمكن زوجي مني، وأنا عروسة لم أكمل شهرا من زواجي، وأشعر بالذنب تجاهه، ولكن لا أستطيع، فأنا أخرج من الحمام -أكرمكم الله- في غاية الإرهاق والحزن على نفسي، وأقدامي تؤلمني -أكرمكم الله- واستفتيت شيخا، وأفتاني بأنه يجب على الموسوس ترك الوسوسة، ويسقط ما يعجز عنه. فإن أفاد ذلك، وإلا انتقل للتيمم، ولكن لفترة مؤقتة، إلى أن يروض نفسه على الغسل الشرعي.
هل أفهم من فتواه أني في الأول أترك الأعضاء التي تتعبني في غسلها، وأكمل غسل باقي الجسد. فإن أفاد وإلا أنتقل للتيمم، أم أفهم من كلامه أني أنتقل للتيمم فورا؟
وأنا -إن شاء الله- سأذهب للدكتورة للعلاج من الوسواس، ولكن أتمنى لو أحصل على مخرج من هذه المعاناة إلى أن أشفى.
ولا تنصحوني بالتجاهل، لا أستطيع فعلا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزعمك أنك لا تستطيعين تجاهل الوسواس، هو تسويل من الشيطان لك، وإملاء منه لك؛ ليزيدك عناء على عنائك، ويحول بينك وبين الواجب عليك من تمكين زوجك منك متى أراد.
وأمر الغسل يسير جدا، فإن كان الذي يحملك على المبالغة فيه إنما هو الرغبة في إتمامه، والإتيان به على وجهه مرضاة لله تعالى، فاعلمي أن مرضاة الله لا تتحقق بذلك، وإنما تحصل بأن تغتسلي بصورة عادية، فتصبي الماء على جميع بدنك مرة واحدة، حتى يغلب على ظنك أنك أوصلت الماء إلى جميع البدن، ويكفي غلبة الظن، ولا يشترط اليقين، فإذا حصلت لك غلبة الظن هذه -وهي تحصل في دقائق يسيرة- فانهضي من فورك، ولا تسترسلي مع الوساوس، واكتفي بهذا ولا تزيدي عليه، فالواجب عليك هو فعل هذا، ولا يشرع لك تيمم ولا غيره، والواجب عليك هو مجاهدة هذه الوساوس حتى يذهبها الله عنك.
وتركك الغسل والعدول إلى التيمم هو نوع من الاستجابة للوساوس، وليس هو علاجا في الحقيقة، والوسوسة لا تسقط التكاليف الشرعية، ولكنها توجب على الشخص مدافعتها حتى يتخلص منها، فلا حل غير ما ذكرناه لك، وهو يسير على من يسره الله عليه، فما هو إلا عزم صادق، واجتهاد في الدعاء، وعلم جازم بأن ترك الوساوس هو الذي يرضي الله تعالى، ويقرب العبد منه، وحينئذ يسهل عليك الأمر، وتتعافين من هذا الداء بإذن الله، وراجعي للفائدة، الفتوى رقم: 51601، ورقم: 134196.
والله أعلم.