الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مطالبة الأب بتجهيز البنت وحكم الطلاق بلا مسوغ

السؤال

ما حكم الوالد الذي يتخلى عن تجهيز ابنتيه، ويريد طرد ابنه المتزوج من المنزل، والذي لا يعمل عملًا ثابتًا، ولا يقوى على الإيجار، ويريد تطليق الزوجة في آخر عمرها، علمًا أنها تتحمل مصاريف المنزل بشكل كامل منذ ما يقارب 15 عامًا، وحتى لا نظلمه فقد اهتم بدارسة وعلاج ابنه، ولا يعلم شيئًا عن زواجهما، فقد جهزتهما أمهما بالدَّين، وكان في أول 15 عامًا يصرف بعد أن يأخذ راتب زوجته العاملة جبرًا، والتي لا ناصر لها سوى الله عز وجل، ويخاصم ابنه الذي عمره 23 عامًا منذ ما يقرب 17 عامًا، ولا يعلم عنها شيئًا، وتسكن معه في نفس المنزل، وقد حاولنا مع أقاربنا ومعارفنا وشيوخ كبار أن نجد حلًّا سلميًّا معه، ولكنه على عناده يريد إتمام ما سبق ذكره بالتزامن مع قدوم عريس للبنت ذات 23 عامًا، وأخيرًا فإنه يفرض فهمه للدِّين، وقد لجأ إلى الدجالين والعرافين؛ لأنه يظن أننا لا نتفق معه؛ نظرًا لوجود عمل أو سحر ما، فلو طلق أمي في المحكمة، فهل يجوز رفع قضيه لطلب حقها؟ وهل يجوز رفع قضيه لطلب حق زواج البنت ذات 23 عامًا؟ وهل يجوز رفع قضية حجر نظرًا لقلة ذات يد الأم والأبناء الذين لا يملكون سوى المنزل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح حال أسرتكم، ويؤلف بين قلوبكم، ونوصي بالصبر على هذا الوالد، وكثرة الدعاء له بخير، وأن يصلح الله شأنه، فقلوب العباد بين يدي الرب تعالى، يقلبها كيف يشاء، وعليكم بالحرص على بره، والإحسان إليه وإن أساء، فذلك لا يسقط عنكم وجوب بره بحال، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 317761.

وإن من أعظم بركم به سعيكم في إصلاحه، وقد أحسنتم بما سبق من مسعى، ولكن لا تيأسوا، بل استمروا في ذلك، وأحسنوا الظن بربكم، فهو عند ظن عبده به، وإن من أسوأ ما ذكرتم عنه إتيانه الدجالين، فإن ثبت ذلك عنه، فهو أمر خطير، وسعيه في ذلك سعي غير مشكور؛ لكونه متضمنًا ما يفسد الاعتقاد، وراجع الفتوى رقم: 150135.

وبخصوص ما ذكرت من عدم تجهيزه ابنتيه: فلا يجب على الأب تجهيز ابنته، كما سبق وأن أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 31057، وتجد فيها كلام أهل العلم حول من يجب عليه التجهيز.

ومن هنا تعلم أنه لا حق للبنت في مطالبة الأب بالتجهيز، وإن جهز الأب ابنته، فهو أمر حسن، ولا سيما إن جرى بذلك عرف البلد.

وأما تزويج الأب ابنه الفقير، وهل يجب عليه ذلك أو لا؟ ففي المسألة خلاف بين أهل العلم ضمناه الفتوى رقم: 139261.

وتطليق الزوج زوجته وإن كان جائزًا في الأصل إلا أنه ينبغي عدم المصير إليه لغير حاجة، وخاصة مع امرأة كان منها الإعانة لزوجها في تربية الأولاد، والقيام عليهم بنفسها ومالها، فينبغي أن يحفظ لها هذا الجميل، ويجازيها بالإحسان إحسانًا.

ولو قدر أن وقع الطلاق، فللزوجة الحق في طلب حقوقها، وإن اقتضى الحال رفع الأمر إلى القضاء الشرعي، فلا بأس بذلك، ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 349471، وكذا الأرقام المحال عليها فيها.

وما ذكر لا يسوغ طلب الحجر على الأب؛ لأن الحجر له أسباب، كالسفه، والجنون، ونحو ذلك.

وإن امتنع الأب عن القيام بما يجب عليه من النفقة، فيجوز الأخذ بقدرها من ماله، ولو من غير علمه، وإن وجدت حاجة لرفع الأمر للقضاء الشرعي، فلا حرج في ذلك، ونرجو مطالعة الفتاوى التالية أرقامها: 60620، 22917، 25339، وفي الفتوى الأخيرة بيان حكم النفقة على الابن البالغ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني