الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى تحمل العبد الإثم لضعف الحنان تجاه أولاده

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا متزوج من حوالي أربعة سنوات - ولله الحمد - ورزقت - بفضل الله - بطفلين بنت وولد، ولكني لا أحس بطعم الأبوة والحنين التي أراها في الآخرين وكلام الناس في ذلك، وأيضا نفس الإحساس تجاه الزوجة ليست بالدرجة المشوقة، ولا إحساس الزوج، فهل من حل لمشكلتي؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحنو على الأبناء والشفقة عليهم والرحمة بهم، أمر مركوز في فِطَرِ غالب المخلوقات، حتى البهائم؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنّ للّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ. أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامّ. فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ. وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ. وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَىَ وَلَدِهَا. وهذا الحنو وهذه الرحمة مما يتفاوت فيه الناس، كما هو مشاهد؛ ففي الصحيحين وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ الْحَسَنَ بِنْ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بِنْ حَابِسٍ التَّمِيمِي جَالِسًا، فَقَال الأَقْرَعُ: إِنّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبّلْتُ وَاحِداً مِنْهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ. وقد جاء في حديث آخر ما يدل على أن عدم الرحمة بالأولاد والشفقة بهم سببه قسوة القلب وانعدام الرحمة فيه؛ ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالُوا: أَتُقَبّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالُوا: لَكِنّا، وَاللّهِ مَا نُقَبّلُ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوَ أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللّهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرّحْمَةَ. واللفظ لمسلم. لذا فعلى الأخ السائل أن يعطف على أولاده وزوجته، وأن يتذكر أن الولد من أجلِّ نعم الله تعالى على العبد، وأن له حقوقًا لا يجوز التقصير فيها، مثل: القيام برعايته وحضانته وجميع مصالحه المادية والمعنوية. ومن قام تجاه ولده بأداء ما أوجبه الله من ذلك، ولم يبق إلا برودة المشاعر نحوه وضعف الإحساس وحنان الأبوة ونحو ذلك، فليس عليه إثم إذا لم يبق إلا ما لا قدرة له عليه من عمل القلب، إذ ما في القلب من المحبة والمودة غير مقدور للعبد، بدليل قول الله عز وجل: وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ[الأنفال:63]، بعد قوله: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ[الأنفال:63]، وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم: اللّهُمّ هَذَا قَسْمِي فِي مَا أَمْلِكُ، فَلاَ تَلَمْني فِي مَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ. رواه أصحاب السنن. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني