الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريض الزوجة على الطلاق منكر عظيم

السؤال

القصة منذ شهر، عدت إلى المنزل فلم أجد زوجتي، فسألت أمي عنها، قالت لي إن أخاها أتى وأخذها، فاتصلت بعمي -أبي زوجتي- لأسأله عنها، قال لي إنه لا يعرف شيئا عنها، وقال لي إنه في العمل، وعندما يرجع إلى المنزل سيتصل بي.
وبعد نصف ساعة اتصل بي، وقال لي إنها مع أمها، وقد ذهبوا إلى بيت خال زوجتي؛ لكي يقوموا بتجهيزه لأنه سيتزوج، فقلت له كيف تخرج من المنزل من دون إذني؟ قال لي بعد ساعة سترجع لبيتي هي وأمها، وسأتصل بك عندما يعودون، قلت له إنها في الصباح قالت لي إنها تريد الذهاب مع أمها لتجهيز بيت خالها الذي سيتزوج في اليوم التالي، وأنا منعتها ولم آذن لها. فقال لي سأتصل بك عندما يعودون، وبعد ثلاث ساعات اتصلت زوجتي، وأخبرتني أنها عند أهلها، وأنها لن تعود، فقلت لها حسنا، وأنهيت المكالمة، وذهبت لأفهم ما الذي حدث، وعندما وصلت قالت لي إنها تريد أن تحضر زفاف خالها في اليوم التالي، فقلت لها ارجعي إلى البيت الآن، وغدا أقرر قالت لي لا لن أذهب، فقلت لأبيها وهو جالس يستمع قلت له انظر كيف تتكلم معي؟ وأنها لن ترجع، وكيف تخرج من بيتي بدون إذني؟ قال لي لا مشكلة، يوجد لدينا مناسبة وهي زفاف خالها، قلت له ما علاقة الزفاف بعدم رجوعها؟ قال لي دعها تبقى هنا، وكأنه لا يريدها أن تذهب معي، فقلت لها إن لم ترجعي فأنت لا تريديني، قالت لي أجل لا أريدك. قمت وذهبت غاضباً، وعمي لم يقل لها شيئا. مثلاً يا ابنتي لا يجوز، يا ابنتي اذهبي معه، يا ابنتي هذا زوجك، عليك أن تطيعيه. أبدا أبدا. ما قال لها شيئا، وبعد عدة أيام ذهبت لرؤية ابنتي التي عمرها 11 شهرا، فقال لي عمي إنه لا يستطيع أن يعطيني ابنتي لأراها، قلت له هذه ابنتي، أريد أن أراها، قال لي أنا مسؤول عنها، ولن تأخذها، قلت له حسنا، وماذا بشأن ابنتك؟ قال لي اجلب شخصين من عندك، وشخصين من عندي، وتعال يوم الأحد القادم؛ لكي نتكلم. إما أن نحل الخلاف، وإما أن تفترقا. فقلت له وما الخلاف؟ قال لي بينك وبين ابنتي مشاكل، قلت ما المشاكل؟ قال لي يوم الأحد سنتكلم. قلت له حسنا. وماذا بشأن ابنتي؟ أريدها؟ قال لي لن تأخذها،
وذهبت، ويوم الأحد ذهبنا أنا وأبي وصديق أبي لنرى ماهية المشاكل، وجلسنا، وكان قد أتى صديق عمي، وأحد أقربائه، وتكلمنا فكانت بما سماها مشاكل أن زوجتي تريد بيتا غير الذي أسكن فيه؛ لأنها لا تشعر بالراحة مع أمي وأبي، فقلت لا مشكلة، ولكن من الصعب أن نجد بيتا بسرعة؛ لأنه نحن موجودون في تركيا، ونحن من أصل سوري، لاجؤون في تركيا، والبيوت هنا قليلة جداً، ومن الصعب العثور على بيت. فقلت لها سأبحث عن بيت لا مشكلة، فقالت لي اعثر على بيت، وبعد ذلك أرجع، فقلت لها يمكن أظل شهرين أبحث، فهل ستبقين هنا شهرين. قالت لن أرجع إلا على منزل خاص بنا. فقلت لها حسنا، سأبحث، ولكن لا أستطيع أن أبقى بدونك لفترة طويلة، قالت ليست مشكلتي، اعثر على بيت وأرجع. فقمت وذهبت، وبعد عدة أيام تكلمت معها على الهاتف، وأقنعتها بأن ترجع لبيتي مع أهلي ريثما أعثر على بيت، فوافقت، ولكن بعد عدة ساعات اتصلت، وقالت لي إنها لن ترجع (في الحقيقة إنها تريد الرجوع، ولكن أمها تمنعها وتضغط عليها، وتخبر أباها ويضغط عليها، أيضا بأن لا ترجع). وبقيت هي عند أهلها، وبقيت أنا أبحث عن منزل، وبعد شهر عثرت على منزل، وأردت أن آخذها فأبت أن تعود معي لأن أهلها لن يرجعوها، واتصلت بأبيها، وكان بالعمل، وقال لي لن تذهب ابنتي معك، وارحل من منزلي، وإلا جلبت لك الشرطة، فتركتها وذهبت، وبعد ساعة اتصل بي خالها، وقال لي إنها لم تعد تريدك، وتريد الطلاق.
السؤال: هل يحق للأب أن يمنعها من العودة لي؟ وهل يحق له أن يطلب الطلاق ولا يوجد سبب؟ وما عقوبة من يفعل ذلك عند الله؟
وأمها هي سبب كل شيء في تحريضها علي، فماذا يجب أن أفعل؟
مع العلم أننا لم نكمل السنتين في الزواج بعد، وخلال السنتين فعلوا معي الكثير من المشاكل، وعند أي شيء عمي يطلب الطلاق، وتقوم أمها بتحريضها علي، وتكريهها في، وتجعلها تطلب الطلاق.
وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن ييسر أمركم، ويصلح حالكم.

والزوجة مطالبة شرعا بطاعة زوجها بالمعروف، وطاعتها لزوجها مقدمة على طاعتها لوالديها؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 19419. ويحرم عليها أن تخرج من بيتها بغير إذنه إلا لمسوغ شرعي، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 73341. ولو أن زوجتك خرجت طلبا للمسكن المستقل لكان سائغا؛ لأن هذا حق من حقوقها، ولا يلزمها أن تسكن مع والديك أو غيرهما إلا إذا كان ذلك في جزء مستقل تماما بمرافقه، وانظر للمزيد الفتوى رقم: 66191.

وأما أن تخرج لحضور حفل الزفاف، أو لمجرد تحريض أمها لها، فليس ذلك من حقها. وليس لوالديها التدخل بينكما إلا بما يدعو للإصلاح، وأما أن يحرضاها على الطلاق فهذا منكر عظيم وإفساد لها، وقد جاء في ذلك وعيد شديد، ففي الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. قال شمس الحق أبادي في عون المعبود مبينا معنى التخبيب: أي أفسدها بأن يزين إليها عداوة الزوج... اهـ.
ونوصي بالاستمرار في سبيل الإصلاح، فقد قال الله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}، فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فقد يكون الأفضل الفراق، وأن يذهب كل في سبيله، فالطلاق وإن كانت مفاسده أكثر في الغالب إلا أنه قد تترجح مصلحته أحيانا، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وإن لم يكن الزوج هو المضر بالزوجة، فمن حق الزوج أن يمتنع عن تطليقها حتى تفتدي منه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 93039.

وننبه إلى أن الحضانة حال قيام الزوجية حق للوالدين معا، وإن وقع الفراق فالأم أولى بالحضانة ما لم تتزوج أو يقم بها مانع، فتسقط عنها الحضانة، وتنتقل إلى غيرها، وراجع الفتوى رقم: 6256.

وننبه إلى أنه ليس من حق من له الحضانة من الوالدين أن يمنع الآخر من رؤية المحضون وزيارته، ولتراجع الفتوى رقم: 95544.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني