السؤال
صارت مشكلة بيني وبين أهلي بخصوص عزيمة عائلة لا أحبها، ولا أريدها في حياتي ومناسباتي نهائيًّا. ومن باب تغليظ القسم قلت: "إذا حضر أحد منهم، فإن ورقة الطلاق عند زوجتي، وإنها محرمة عليّ". مع العلم أني قلتها وقت غضب، والعائلة لم تحضر، ولكن لديّ قريب متزوج من بناتهم، وعزمت قريبي وأتت زوجته، فهل الطلاق وقع؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما حصل منك هو أنك علقت طلاق زوجتك وتحريمها على حضور أحد من تلك العائلة، فإن حضر أي واحد ممن قصدتهم، وقع الحنث، وإلا لم يقع، فالنية معتبرة في مثل هذا، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 35891.
وقولك: "ورقة الطلاق عند زوجتي"، ليس صريحًا في الطلاق، فإن لم تقصد به تطليقها، لم يقع الطلاق وإلا وقع؛ لأن كنايات الطلاق يرجع فيها إلى نية القائل، وراجع فتوانا رقم: 121507. ومنه تعلم الحكم في حضور ابنتهم مع زوجها، وأن ذلك يرجع فيه إلى قصدك.
وكذلك الحال بالنسبة لتحريم الزوجة يرجع فيه إلى النية، على الراجح من أقوال الفقهاء، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 163049.
والغضب صاحبه مكلف، إلا إن وصل إلى حال لا يعي فيها ما يقول، كما بينا في الفتوى رقم: 97866.
ونختم بالتنبيه على أربعة أمور:
الأمر الأول: أننا نحبذ في مسائل الطلاق، ونحوها مراجعة المحكمة الشرعية، أو مشافهة أحد العلماء؛ لأن الأمر قد يحتاج إلى استفصال، وتبين في بعض الحيثيات، ويرجى أن يكون الحكم أقرب إلى الصواب، هذا بالإضافة إلى أن حكم القاضي رافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.
الأمر الثاني: أنه ينبغي الاجتهاد في أن يكون الحال بين المسلمين على الود والصلة قدر الإمكان، وخاصة الأقارب، ففي الصبر عليهم أجر عظيم، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
الأمر الثالث: ضرورة الحذر من الغضب واتقاؤه قدر الإمكان، فهو من الشيطان، وقد تترتب عليه كثير من المفاسد والشرور؛ ولذلك جاءت السنة بالتحذير منه، وبيان سبل علاجه، وتجد ذلك في الفتوى رقم: 8038.
الأمر الرابع: أن لا نجعل الزوجة المحور لحل مشاكلنا بالحلف بطلاقها، وتحريمها، ونحو ذلك، فالزواج عقد مؤكد؛ ولذا سماه رب العزة والجلال بالميثاق الغليظ، فقال: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.
والله أعلم.