السؤال
كنت مع أصدقائي وحدثت بيننا مشكلة، وكنت غاضبًا، فقلت: عاهدت الله ألا أفعل كذا، وقلتها لا إراديا، فهل يبقى العهد الذي قطعت عهدًا، أم يبطل بسبب أني قلتها وأنا غاضب، وكانت لا إرادية؟ وهل عليّ صيام إذا نقضت هذا الوعد؟
كنت مع أصدقائي وحدثت بيننا مشكلة، وكنت غاضبًا، فقلت: عاهدت الله ألا أفعل كذا، وقلتها لا إراديا، فهل يبقى العهد الذي قطعت عهدًا، أم يبطل بسبب أني قلتها وأنا غاضب، وكانت لا إرادية؟ وهل عليّ صيام إذا نقضت هذا الوعد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا اللفظ قد صدر منك بغير اختيار، بل كنت مغلوبًا على ذلك؛ لشدة الغضب، فلا يلزمك شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الحاكم.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في إعلام الموقعين: وقال الإمام أحمد في رواية حنبل: هو الغضب، وكذلك فسره أبو داود، وهو قول القاضي إسماعيل بن إسحاق أحد أئمة المالكية ومقدم فقهاء أهل العراق منهم، وهي عنده من لغو اليمين أيضًا، فأدخل يمين الغضبان في لغو اليمين، وفي يمين الإغلاق، وحكاه ابن بزيزة الأندلسي عنه قال: وهذا قول علي، وابن عباس، وغيرهما من الصحابة: أن الأيمان المنعقدة كلها في حال الغضب لا تلزم، وفي سنن الدار قطني بإسناد فيه لين من حديث ابن عباس يرفعه: «لا يمين في غضب، ولا عتاق فيما لا يملك»، وهو وإن لم يثبت رفعه، فهو قول ابن عباس، وقد فسر الشافعي: «لا طلاق في إغلاق» بالغضب، وفسره به مسروق؛ فهذا مسروق، والشافعي، وأحمد، وأبو داود، والقاضي إسماعيل، كلهم فسروا الإغلاق بالغضب، وهو من أحسن التفسير؛ لأن الغضبان قد أغلق عليه باب القصد بشدة غضبه، وهو كالمكره، بل الغضبان أولى بالإغلاق من المكرَه؛ لأن المكرَه قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه، فهو قاصد حقيقة، ومن هنا أوقع عليه الطلاق من أوقعه، وأما الغضبان فإن انغلاق باب القصد والعلم عنه، كانغلاقه عن السكران والمجنون، فإن الغضب غول العقل، يغتاله كما يغتاله الخمر، بل أشد، وهو شعبة من الجنون. انتهى.
وأما إن كان غضبك بحيث لا يزيل عنك عقلك، فما تلفظت به يجري مجرى اليمين، وانظر الفتوى رقم: 113850.
ومن ثم؛ فتلزمك الكفارة إذا فعلت ما عاهدت الله على تركه، والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن إحدى هذه الخصال، فعليك صيام ثلاثة أيام، والأحوط أن تكون متتابعة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني