الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قوم بلقيس اتصفوا بصفة زائدة عن الأعراب

السؤال

ما الفرق بين قوله تعالى في سورة النمل آية33 "أولوا قوة وأولوا بأس شديد" وقوله تعالى في سورة الفتح آية16 "أولي بأس شديد"؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

ففي الآية الثالثة والثلاثين من سورة النمل، يبين الله -سبحانه وتعالى- أن قوم بلقيس ملكة سبأ أجابوها لما استشارتهم في شأن كتاب نبي الله سليمان الذي ألقاه إليهم الهدهد، وفيه دعوتهم إلى الإسلام، فقالوا لها: نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ {النمل: 33}، أي نحن جماعة المملكة الذين هم أهل الحرب، ومن يفوض إليهم الأمر، أولوا قوة: أي أهل كثرة في العدد والعتاد، ونملك وسائل القدرة على القتال والغلبة، وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ: أي أهل شدة على العدو ونكاية به، وهذا الجواب تصريح منهم باستعدادهم للحرب للدفاع عن ملكهم، وتعريض بأنهم يميلون للدفع بالقوة لأعدائهم.

وأما قوله تعالى: سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ [الفتح:16]، أي ستدعون أيها الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين خرج عام الحديبية معتمراً، إلى قوم: وهم هوازن وبنو حنيفة الذي ارتدوا عن الإسلام في عهد أبي بكر -رضي الله عنه-، على قول جمهور المفسرين، كما ذكره الواحدي في تفسيره، وهو مروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أولي بأس شديد: أي أهل شدة على من يقاتلونه، ولم يصفهم هنا بالقوة، كما وصف قوم بلقيس، فيكون قوم بلقيس على هذا قد اتصفوا بصفة زائدة عن الأعراب، وهي القوة التي تفيد الكثرة في العدد والعدة، ووسائل القدرة على القتال، إضافة إلى شدتهم عند لقاء عدوهم، والقوم المذكورون في سورة الفتح لا يتصفون إلا بوصف واحد وهو الشدة عند لقاء العدو، وراجع تفسير الآيتين في كتب التفسير المعتمدة كابن كثير، والقرطبي وغيرهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني