السؤال
أنا شاب متزوج، رزقني الله طفلتين، وأنا وزوجتي نعمل بجد لأجلهما، ونحن نفكر في ما بعد موتنا، فهل يدخل أبناء الإخوة فيما شيدنا لبنتينا، في حال عدم إنجابنا ابنًا، أم يمكن لنا أن نهب لهما كل شيء، أم يجب علينا -بإذن الله- محاولة إنجاب ذكر؛ لترك ثروتنا لأصلابنا لا غير؟ اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء للأخ السائل: لا ينبغي أن تشغل بالك بكيفية قسمة تركتك وأنت حي ترزق، فالموت والحياة بإذن الله تعالى، فربما يولد لك وارثٌ، وربما مات من تَظُنُّ أنه وارث، وتتبدل الأمور.
ولا يجب عليك السعي في إنجاب ذكر يرثك دون أبناء إخوتك، ومن المعلوم أن تحديد جنس المولود ذكرًا أو أنثى، مرده أولًا وآخرًا إلى الله تعالى، ولو كان العلم الحديث قد وصل إلى طريقة لذلك، لكن الأمر برمته متعلق بمشيئة الله تعالى وحده، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
وإن كنت حريصًا على أن يرثك من هو من صُلبك، فلك أن تدعوَ بالدعاء الوارد في السنة: اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تُحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ... وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ... إلخ. رواه النسائي في السنن الكبرى، والترمذي؛ فقد قيل في تفسير: وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا. أي: اجعل الوارث من نسلنا، لا كلالةً خارجة عنا، وهذا أحد التفسيرين.
ثم إن سؤالك هذا ربما يُشعر بعدم الرضا بقسمة الله تعالى في الميراث، فالله تعالى جعل لأبناء الإخوة الأشقاء، أو أبناء الإخوة من الأب الباقي تعصيبًا بعد نصيب البنات، فأبناء الإخوة يرثون مع البنات.
والسؤال عن كيفية جعل التركة للبنات، قد يدل على عدم الرضا بتلك القسمة الشرعية، فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى، وأن يرضى بما قسمه الله له في حياته، وبما قسمه لورثته بعد مماته.
وأما الهبة للبنات، فيجوز لك أن تهب ما تشاء من أملاكك لبناتك وأنت في غير مرض مخوف، ولكن هذه الهبة لا تتم إلا بالحيازة، فإذا لم يقبض البنات ما وهبته لهن، ولم يَتَمَكَّنَّ من التصرف فيه تصرف الواهب حتى وافَتْكَ المَنِيَّةُ، فإن الهبةَ لم تَتِمَّ، وتكون أملاكُكَ تركةً تُقسمُ بين جميع ورثتك.
والله تعالى أعلم.