السؤال
ما الحكمة أن في كتاب الله سورة، اسمها: سورة النساء؟
ولماذا لم نجد سورة اسمها: سورة الرجال؟
هل لأن المرأة هي الوعاء الحاضن لهذا الإنسان، أو لأنها هي منطلق الإصلاح والفساد في الكون؟
ما الحكمة أن في كتاب الله سورة، اسمها: سورة النساء؟
ولماذا لم نجد سورة اسمها: سورة الرجال؟
هل لأن المرأة هي الوعاء الحاضن لهذا الإنسان، أو لأنها هي منطلق الإصلاح والفساد في الكون؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجه تسمية سورة النساء بهذا الاسم، هو ما اختصت به من ذكر أحكام النساء فيها.
قال الزركشي: لا شك أن العرب تراعي في الكثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر، أو مستغرب يكون في الشيء من خلق، أو صفة تخصه، أو تكون معه أحكم، أو أكثر، أو أسبق لإدراك الرائي للمسمى. ويسمون الجملة من الكلام أو القصيدة الطويلة بما هو أشهر فيها، وعلى ذلك جرت أسماء سور الكتاب العزيز، كتسمية سورة البقرة بهذا الاسم؛ لقرينة ذكر قصة البقرة المذكورة فيها، وعجيب الحكمة فيها، وسميت سورة النساء بهذا الاسم؛ لما تردد فيها من كثير من أحكام النساء.اهـ. من البرهان في علوم القرآن.
وقال ابن عاشور: سميت هذه السورة في كلام السلف سورة النساء، ففي «صحيح البخاري» عن عائشة قالت: «ما نزلت سورة البقرة وسورة النساء إلا وأنا عنده». وكذلك سميت في المصاحف، وفي كتب السنة وكتب التفسير، ولا يعرف لها اسم آخر، لكن يؤخذ مما روي في «صحيح البخاري» عن ابن مسعود من قوله: «لنزلت سورة النساء القصرى» يعني سورة الطلاق- أنها شاركت هذه السورة في التسمية بسورة النساء، وأن هذه السورة تميز عن سورة الطلاق باسم سورة النساء الطولى، ولم أقف عليه صريحا. ووقع في كتاب «بصائر ذوي التمييز» للفيروزآبادي أن هذه السورة تسمى سورة النساء الكبرى، واسم سورة الطلاق سورة النساء الصغرى. ولم أره لغيره.
ووجه تسميتها بإضافة إلى النساء، أنها افتتحت بأحكام صلة الرحم، ثم بأحكام تخص النساء، وأن فيها أحكاما كثيرة من أحكام النساء: الأزواج، والبنات، وختمت بأحكام تخص النساء.اهـ. من التحرير والتنوير.
وأما الحكمة من تسمية سورة باسم النساء، دون تسمية سورة باسم الرجال: فينبغي أن يقرر أولا أن تلمس مثل هذه الحكم غير المبينة في الشرع، إنما هو من ملح العلم، لا من متينه وصلبه؛ لأنه مبني على مجرد الحدس والتخمين، ولأنه لا يترتب عليه كبير أثر.
قال الشاطبي: من العلم ما هو من صلبه، ومنه ما هو ملح العلم لا من صلبه، ومنه ما ليس من صلبه ولا ملحه؛ فهذه ثلاثة أقسام.
ثم قال في ذكر أمثله ما هو من ملح العلم:
الحكم المستخرجة لما لا يعقل معناه على الخصوص في التعبدات، كاختصاص الوضوء بالأعضاء المخصوصة، إلى أشباه ذلك مما لا تهتدي العقول إليه بوجه، ولا تطور نحوه، فيأتي بعض الناس فيطرق إليه حكما يزعم أنها مقصود الشارع من تلك الأوضاع، وجميعها مبني على ظن وتخمين غير مطرد في بابه، ولا مبني عليه عمل، بل كالتعليل بعد السماع للأمور الشواذ، وربما كان من هذا النوع ما يعد من القسم الثالث؛ لجنايته على الشريعة في دعوى ما ليس لنا به علم، ولا دليل لنا عليه.اهـ. باختصار من الموافقات.
وقال الأستاذ الدكتور مساعد الطيار -في البحث عن حكمة تسمية أسماء السور-: قد يقول قائل: لم نجد الصحابة -رضي الله عنهم- قد عنوا بالبحث عن هذه الحكمة، ولا وجدنا مثلاً من بعدهم من التابعين وأتباعهم من قد بحثوا عن هذه الحكم والعلل، فهذا من العلوم التي هي تعتبر من المُلَح، وليست من متين العلم، فعدم الوصول إليه لا يؤثر.اهـ.
وبعد هذا: فقد خاض بعض المعاصرين في الحكمة من تخصيص سورة في القرآن باسم النساء دون الرجال.
قال الشيخ عبدالمجيد الزنداني: وبعد هذا كله يأتي من يدعي أن المرأة لم تتساو مع الرجل في ظل الشريعة الإسلامية!! ويتفوهون بأشياء نستحيي -نحن المسلمون- أن نرد عليها لشدة تفاهتها فيقولون- أو فيقلن-: ( لماذا لم يخاطب الله سبحانه في قرآنه إلا الرجال في أغلب الآيات، فيقول جل وعلا: يا أيها الذين آمنوا .. ولا يقول سبحانه: يا أيتها اللواتي آمن َّ ..)
ونحن نقول لهؤلاء: لماذا لم ينزل الله سبحانه وتعالى سورة الرجال؟
إن الله سبحانه وتعالى لحكمته المطلقة، خاطب الرجال في أكثر الآيات؛ لأن اللغة العربية تقتضي تغليب الذكر في الخطاب. وليرجع من يشك في هذا إلى كتب اللغة؛ ليجد أن جميع الخطب التي كانت موجهة للنساء والرجال على حد سواء، تأتي فيها صيغة المذكر بشكل كبير. فهل هذا يعني أن النساء غير معنيات بالأمر؟
وإذا كان هذا صحيحاً، فيجب على الجن أن يعترضوا؛ لأن أغلب آيات القرآن تقول: ( يا أيها الناس ... ) ولم تأتِ ( يا معشر الجن والإنس..) إلا في آيات قليلة، ولذلك الله سبحانه وتعالى يعلم الغيب وأخفى، ويعلم ما في الصدور، فعلم أن سيخرج من ينتقد على قرآنه العظيم قلة ذكره للنساء والجن في الخطاب الرباني، فأنزل سبحانه سورة كاملة أسماها سورة النساء، وسورة أسماها سورة الجن .. فيال عظم حكمته وتقديره.اهـ. من مقال له بعنوان: (ردود على شبهات حول مكانة المرأة في الإٍسلام).
وقال الشيخ محمد جميل زينو: وبلغ من تكريم الإسلام للمرأة أن خصص لها سورة من القرآن، سماها «سورة النساء» ولم يخصص للرجال سورة لهم، فدل على اهتمام الإسلام بالمرأة. اهـ. من كتابه: تكريم المرأة في الإسلام.
وراجع للفائدة، الفتوى رقم:44291.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني