السؤال
هل يجوز خلع ولاية الوالدين على أبنائهما لعدم قيامهما بتربيتهما على الوجه الصحيح، وماهي الشروط اللازمة لجواز مسألة الخلع، ومن له الحق في خلع تلك الولاية ، جزاكم الله خيراً ؟
هل يجوز خلع ولاية الوالدين على أبنائهما لعدم قيامهما بتربيتهما على الوجه الصحيح، وماهي الشروط اللازمة لجواز مسألة الخلع، ومن له الحق في خلع تلك الولاية ، جزاكم الله خيراً ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: وبعد فإنه يجب على الأبوين تربية أبنائهما تربية صحيحة موافقة لشرع الله، وذلك يشمل التربية الإيمانية والأخلاقية والجسمية والعقلية. قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) (التحريم: من الآية6)، قال علي في تفسير هذه الآية: علموهم وأدبوهم. رواه الطبري في التفسير والبيهقي في الشعب. وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين. قال النووي في شرحه: عال: قام بالمؤنة والتربية. وأما إذا لم يقوما بالتربية المطلوبة فينبغي نصحهما وبيان الحكم لهما وتذكيرهما بمسؤوليتهما، ففي الصحيحين: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ". وفي الصحيحين أيضاً " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها... قال ابن حجر في فتح الباري: رعاية الرجل أهله سياسته لأمرهم وإيصالهم حقوقهم، ورعاية المرأة تدبير أمر البيت والأولاد والخدم والنصيحة للزوج . وإن لم يقوما بالتربية فعليكم أن تنظروا في سبب عدم القيام بها، فإن كان لعجز فينبغي أن يتعاون معهم من تريدون تحويل الولاية إليه، ولا يحق لكم نزع الولاية من الأبوين لما يترتب على ذلك من النزاعات والشنآن، ولعدم ما يبرره شرعاً ما دام الأبوان عاقلين، وإن كان السبب عدم رشاد الأبوين أو فسقهما فإن الجمهور ذهبوا إلى عدم اشتراط الرشاد والعدالة في ولاية الأب على أبنائه. وروي عن أحمد والشافعي اشتراط العدالة والرشاد، واحتج له بحديث ابن عباس " لا نكاح إلا بولي مرشد " أخرجه الطبراني في الأوسط، وحسنه ابن حجر، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وقد أفتى الشيخ عبد الرحمن السعدي وهو من علماء الحنابلة المحققين بأن القول بسقوط ولاية الفاسق مناقض للأدلة الشرعية، والصواب بقاء ولايته لأولاده على مالهم ونكاحهم وحضانتهم. اهـ. وقد صوب عدم اشتراط العدالة المرداوي في الإنصاف والنووي وابن الصلاح وكثير من متأخري الشافعية، وأجيب عن الحديث بحمل الرشاد على النظر في الأصلح للأولاد، ولا شك أن الأبوين أرحم بالأبناء من غيرهم مهما كان حالهما. وليعلم أن المرأة لا يصح أن تزوج نفسها، ولا أن توكل غير أبيها في تزويجها، فإن فعلت لم يصح نكاحها كما صرح به ابن قدامة في المغني، وعلى القول بسلب ولاية الفاسق فإنه لا يسلبها إلا أبو الأب أو السلطان. هذا ونوصي الأبناء بالحرص على البر بآبائهم، كما نوصي جميع أقاربهم بالتعاون معهم على تربية أبنائهم، وتعاون الجميع على البر والتقوى والحث على الاستقامة والإنابة إلى الله تعالى. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني