الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الجواب عن هذا السؤال يقتضي التنبيه على النقاط التالية:
1ـ الفوائد الربوية الموجودة في البنك تؤخذ ويتخلّص منها بصرفها في مصالح المسلمين العامة, أما رأس المال, فهو حلال لكم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 255334, والفتوى رقم: 9616.
2ـ لأجل تمييز رأس المال من الفوائد، يمكن الرجوع إلى البنك، واستخراج كشف حساب مفصّل, فإن تعذر ذلك, فإنه يرجع في ذلك إلى غلبة الظن؛ لأنها تنزل منزلة اليقين, كما تقدم في الفتوى رقم: 97011.
3ـ مسألة كون التركة مكتسبة -كلها، أو بعضها- من الحرام، فيه تفصيل، قال النووي -رحمه الله- في المجموع: منْ وَرِثَ مَالًا، وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ كَسَبَهُ مُوَرِّثُهُ, أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ، وَلَمْ تَكُنْ عَلَامَةً, فَهُوَ حَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ, فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا، وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ، أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ بِالِاجْتِهَادِ. اهـ.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في الفتاوى الكبرى: عَنْ رَجُلٍ مُرَابٍ خَلَّفَ مَالًا وَوَلَدًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ, فَهَلْ يَكُونُ الْمَالُ حَلَالًا لِلْوَلَدِ بِالْمِيرَاثِ أَمْ لَا؟
فأجاب: الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ الْوَلَدُ أَنَّهُ رِبًا، يُخْرِجُهُ, إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى أَصْحَابِهِ، إنْ أَمْكَنَ, وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ... اهـ. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 250555.
4ـ المال المحكوم بكونه حلالًا، يجب إخراج الزكاة عنه -إن كانت قد وجبت فيه في حياة والدتكم-, ويعمل في ذلك بالتحري قدر الاستطاعة, ففي مجموع الفتاوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين: أما تقدير الزكاة، فليتحر ما هو مقدار الزكاة بقدر ما يستطيع، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. انتهى. وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 125079. وهي بعنوان: "كيفية أداء الزكاة من تركة الميت الذي لم يؤدها لسنوات"، وراجعي أيضًا حكم زكاة العقار في الفتوى رقم: 285.
5ـ المال المحرّم -كالمأخوذ من المخدرات, والربا, ونحو ذلك- لا تجب زكاته, كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 105674.
6ـ إذا كان الورثة هم أنت, وإخوانك الذكور، فيكون لكل ذكر سهمان, ولك أنت سهم واحد.
7ـ ننصحكم برفع أمر هذه التركة إلى محكمة شرعية, فإن أمر التركات أمر خطير جدًّا، وشائك للغاية، ومن ثم؛ فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة-؛ تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات، أو مشافهة أهل العلم بها.
والله أعلم.