الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دخول الكنائس ونحوها

السؤال

ما حكم الشرع في دخول المسلمين للكنائس والمعابد وغيرها من دور العبادة الخاصة بغير المسلمين؟ وهل يستدل على جواز ذلك بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل إحدى كنائس أهل مدينة القدس؟ نرجو الإفادة منكم في هذا الموضوع بشيء من التفصيل، مع بيان الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان الدخول إلى الكنائس ونحوها حال وجود منكر من المنكرات فإنه لا يجوز الدخول إليها، أما إذا كان مع عدم وجود منكر فلا بأس بذلك، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم. قال عميرة في حاشيته: فرع: لا يجوز لنا دخولها -أي الكنيسة- إلا بإذنهم، وإن كان فيها تصوير حرم مطلقاً، وكذا كل بيت فيه صورة. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 5744، والفتوى رقم: 1310، وذهب بعض أهل العلم إلى الكراهة وبعضهم إلى الجواز بلا كراهة. قال ابن قدامة في المغني: فأما دخول منزل فيه صورة فليس بمحرم.. وهذا مذهب مالك فإنه كان يكرهها تنزيها ولا يراها محرمة، وقال أكثر أصحاب الشافعي: إذا كانت الصور على الستور أو ما ليس بموطوء لم يجز له الدخول... ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فرأى فيها صور إبراهيم وإسماعيل.. رواه أبو داود، وما ذكرناه من خبر عبد الله أنه دخل بيتاً فيه تماثيل وفي شروط عمر على أهل الكتاب أن يوسعوا كنائسهم وبيعهم ليدخلها المسلمون للمبيت بها.... وروى ابن عائذ في فتوح الشام أن النصارى صنعوا لعمر حين قدم الشام طعاماً فدعوه فقال: أين هو؟ قالوا في الكنيسة فأبى أن يذهب، وقال لعلي امض بالناس فليتغدوا، فذهب علي بالناس فدخل الكنيسة وتغدى هو والمسلمون وجعل علي ينظر إلى الصور، وقال:" ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل، وهذا اتفاق منهم على إباحة دخولها وفيها الصور، ولأن دخول الكنائس والبيع غير محرم. وقال ابن مفلح في الآداب: وله دخول بيعة وكنيسة ونحوهما والصلاة في ذلك، وعنه يكره إن كان ثم صورة، وقيل مطلقاً، وقال في المستوعب وتصح صلاة الفرض في الكنائس والبيع مع الكراهة، وقال ابن تميم: لا بأس بدخول البيع والكنائس التي لا صور فيها، وقال ابن عقيل يكره كالتي فيها الصور، وحكى في الكراهة روايتين، وقال في الشرح: لا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة، روي ذلك عن ابن عمر وأبي موسى، وحكاه عن جماعة وكره ابن عباس ومالك الكنائس لأجل الصور، وقال ابن عقيل تكره لأنه كالتعظيم والتبجيل لها وقيل لأنه يضُّر بهم. انتهى. وفي الفتاوى الهندية: في اليتيمة يكره للمسلم الدخول في البيعة والكنيسة، وإنما يكره من حيث إنه مجمع الشياطين لا من حيث إنه ليس له حق الدخول، كذا في التتارخانة. انتهى. وأما قول السائل إن عمر دخل كنيسة في بيت المقدس، فإن الثابت هو أن عمر رضي الله عنه لم يدخل الكنيسة لأجل ما فيها الصور كما تقدم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني