الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وضع الوالد العاجز في دار الرعاية.. رؤية أخلاقية شرعية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ المفتي: لي أم وهي الآن في وضع صحي سيء ولا تستطيع أن تخدم نفسها، وفي كثير من الأحيان تبول وتتغوط في ثيابها، وهنا في بلدنا يوجد بيت لرعاية مثل هذه الحالات رعايه جيدة.
والسؤال:
إذا أرسلت أمي لمثل هذه الدار التي تجد فيها رعاية أفضل يعتبر من العقوق؟
ولكم الشكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنسأل الله أن يلطف بهذه الأم وأن يجعل ما تعانيه سببا لغفران ذنوبها. ونوصيك أنت أن تحرص على الإحسان إليها عملا بقول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة: 83]. والإحسان إليهما بالحرص على ما يسرهما، والبعد عما يسوؤهما قولا وفعلا، ويتأكد هذا في حق الأم، ولا سيما إذا كبرت. قال الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الاسراء:23-24] وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قبل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد. فتذكر أخي في الله ما تحملته والدتك من المشاق والمتاعب بسببك أيام الحمل والوضع والرضاعة والحضانة حتى كبرت، أفما يحسن بمن تحملت منك هذه المعاناة كلها مع كمال الحب لك والعطف والرحمة والرفق والحرص على مصالحك أن تحرص أنت بعد ضعفها وكبرها على الرفق بها والإحسان إليها والتلطف بها والعناية والرحمة بها والقيام بمصالحها؟ إن الله تعالى أكد الوصية بالأم خصوصاً، وذكَّرنا بما عانته فقال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]. وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الأحقاف: 15]. فعليك أخي في الله أن تحرص على رضاها، ففيه رضا الله، وفي سخطها سخط الله، كما في الحديث: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني واعلم أخي أن الأم تشتاق لرؤية ولدها ولو كانت غنية عن خدمته، فإن كانت أمك لا توافق على هذا الأمر، فلا شك أنه من العقوق، وإذا كانت توافق عليه، فلا شك أنه ليس أدبا معها. وعليه، فإنا ننصحك بالتلطف بها والصبر عليها، وحاول أن تتزوج إحدى قريباتها وتعاون معها على القيام بشؤون والدتك وتبديل ملابسها، وتنظيف بدنها مع الحرص على عدم نظر العورة، وعلى عدم مسها بيدك مباشرة، ويمكن الاستعانة بالحفاظات أحيانا، ثم تبدلها إذا احتيج إلى ذلك. وراجع الفتوى رقم: 11649، 17754. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني