الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى "البر" في سورة البقرة

السؤال

في سورة البقرة آيات أوضحت معنى كلمة البر.
أوضح كل آية على حدة، مع شرح مفهوم البر في ضوء سورة البقرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد وردت كلمة "البر" بالتعريف في سورة البقرة عدة مرات، فمن ذلك قوله -تبارك وتعالى-: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُون [البقرة:44].

ومنه قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177].

ومنه قوله تعالى: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى [البقرة: 189].

والبر في لغة العرب معناه: السعة والتوسع، ومنه البَر الذي هو خلاف البَحر، ومنه اشتق البِرُّ وهو التوسع في فعل الخير، ومن معنى الكلمة في اللغة واشتقاقها نفهم معناها في سياق الآيات المذكورة.

ففي الآية الأولى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُون [البقرة:44]، يأتي الاستفهام الإنكاري الذي يحمل معنى التوبيخ للمخاطبين، لأمرهم للناس بالبر الذي هو الخير مع نسيان أنفسهم وبعدهم عن فعل الخير...وفي الآية الثانية: تبين الآية معنى البر والمقصود منه، وأنه متضمن للاعتقاد والفرائض والفضائل.

وقد أخرج ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر -رضي الله عنه-: أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان، فتلى "ليس البر أن تولوا وجوهكم.." حتى فرغ منها، ثم سأله -أيضًا- فتلاها، ثم سأله -أيضًا- فتلاها، قال: وإذا عملت بحسنة أحبها قلبك، وإذا عملت بسيئة أبغضها قلبك.

وأما الآية الثالثة: وهي قوله تعالى: "وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى" فقد روى البخاري عن البراء بن عازب قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيوت من ظهورها، فنزلت "وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها...

وبناء على ما تقدم؛ فإن البر كلمة جامعة لمعاني الخير، تشمل العقائد والفرائض والسنن والمستحبات ومكارم الأخلاق...وليس منه ما يدعيه النصارى واليهود من استقبال المشرق والمغرب، ولا ما يزعمه أهل الجاهلية من إتيان البيوت من ظهورها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني