الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توضيح مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به

السؤال

هل أي أمر له شروط، يجب تحقيق شروطه قبل تحقيقه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك تواصلك معنا، والمراد من سؤالك غير محدد -وللأسف أن هذه طريقتك في أسئلتك السابقة-، واعلم أن الذي ينبغي للسائل هو إرسال السؤال بصياغة حسنة بينة، تتضح بها المسألة التي يلتمس جوابها، والمشكلة التي يرجو إيضاحها، فمن أدب السؤال حسن صياغته، وتحريره، وبعده عن الغموض.
جاء في الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي: وينبغي أن يوجز السائل في سؤاله, ويحرر كلامه, ويقلل ألفاظه ويجمع فيها معاني مسألته, فإن ذلك يدل على حسن معرفته. وفيه: عن زيد بن أسلم, أنه كان إذا جاءه الإنسان يسأله فخلط عليه قال: «اذهب فتعلم كيف تسأل, فإذا تعلمت فسل»، وعن ميمون بن مهران, قال: «التودد إلى الناس نصف العقل, وحسن المسألة نصف العلم».اهـ.
وفي المحدث الفاصل للرامهرمزي: قال كيسان لأبي زيد: علقمة بن عبدة من بني تميم، هو أم من المحضرمة؟ فقال: صحح المسألة، ليصح لك الجواب. اهـ.
وعلى كل حال، فلعلك تقصد استيضاح بعض ما يندرج تحت مسألة (ما لا يتم الواجب إلا به).

فإن كان الأمر كذلك، فسننقل ما لخصه فيها الدكتور عياض السلمي حيث قال:

ما لا يتم الواجب إلا به ينقسم قسمين:

1 ـ ما لا يتم الوجوب إلا به، كشروط الوجوب، وأسبابه، وانتفاء موانعه، فهذه ليست واجبة باتفاق، فليس على المكلف أن يمسك عن إنفاق ما عنده من مال حتى يتم الحول ويزكيه، وليس عليه أن يمسك ما عنده من بهيمة الأنعام أو يزيدها حتى تبلغ نصابا لتجب فيها الزكاة مثلا. وإنما يتصرف في ماله تصرفا عاديا من غير هروب من الزكاة، فإذا حال الحول وعنده نصاب زكاة زكاه وإلا فلا. فهذه الشروط والأسباب وإن كانت داخلة في عموم «ما لا يتم الواجب إلا به» لكنها غير مرادة.

2 ـ ما لا يمكن عقلاً أو شرعاً أو عادةً أن يفعل الواجب تاما إلا بفعله، وهذا ينقسم أيضا قسمين:

أ ـ ... ما ليس بمقدور للمكلف، كغسل اليد في الوضوء إذا تعذر لقطع ونحوه، وكالركوع والسجود إذا تعذر ليبس في ظهره ونحو ذلك. فهذا خارج عن القاعدة فلا يجب باتفاق.

ب ـ ما هو مقدور للمكلف، مثل غسل جميع الثوب الذي أصابته نجاسة ولا يدري موضعها، وإمساك جزء من الليل مع النهار حتى يتم صيام النهار، والوضوء للصلاة، ونيتها. وهذا ينقسم أيضا قسمين:
1 - ما ورد في إيجابه نص مستقل كالوضوء والنية للصلاة، وهذا واجب باتفاق، ولم ينقل عن أحد فيه خلاف.
2 - ما لم يرد فيه بخصوصه دليل مستقل، وهذا هو موضع النزاع، وهو الذي قال بعض العلماء فيه: لا نسميه واجبا وإن وجب فعله تبعا.

والخلاف في هذه القاعدة ضعيف، والقاعدة معمول بها عند جميع الأئمة، ومن نقل فيها خلافا فإنما هو في التسمية، وفي استحقاق هذه الزيادة ثوابا مستقلا. وإنما قال الجمهور: تسمى هذه الزيادة واجبا؛ لأنها لا يجوز تركها أبدا إلا بترك الواجب، وترك الواجب يذم عليه المكلف، فكذلك ما لازمه .اهـ. من كتابه: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيهَ جهلُه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني