الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة أكل حقوق الآخرين بالتزوير وكيفية التصرف معه إن لم يتب

السؤال

ما حكم من تسبب في إهدار حق من الحقوق المشروعة، وهي تتمثل في قطعة أرض لورثة. كتب عقدا مزيفا، ومعه شهود مزيفون، مكتوب في هذا العقد أن هذه القطعة تم شراؤها من والد الورثة، وتم تزييف بيانات بطاقة التعريف من العمر، ورقم البطاقة والإمضاء، كلها مفبركة ومزيفة في هذا العقد. ثم حصل على هذه القطعة. ما جزاؤه في الآخرة؟ وهل تجوز مقاطعته وأن ينبذه المجتمع؟
من فضلكم أريد جوابا مفصلا عن هذا الفعل الشنيع، للعلم فهو ملتزم بصلاة الفجر في المسجد، وسبق له أن أدى عمرة، وفي حالة توبته ماذا يترتب عليه؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففاعل ما ذكرته من تزوير وتزييف للحقائق؛ ليقتطع بذلك حقوق الناس، ويأكل أموالهم بالباطل؛ قد ارتكب جرما عظيما، وإثما كبيرا؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {النساء:29-30}.
وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو عليها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان. متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: من ظلم قيد شبر من الأرض، طوقه من سبع أرضين. رواه مسلم.
فلا يحسب الأمر هينا فهو عند عند الله عظيم، ولينصح بالمبادرة إلى التوبة النصوح، بالاستغفار والندم، والعزيمة ألا يعود إلى ذلك، ويرد الحق إلى أهله. ومن تاب توبة نصوحا، فإن الله تعالى بمنه وكرمه يتجاوز عنه؛ لقوله تعالى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وإذا لم يتب، فينبغي للمجتمع نبذه، فذلك من وسائل إنكار المنكر، بل يجب على من علم أن تركه له، وإعراضه عنه، يؤدي إلى ترك الظالم للمنكر وتوبته منه، ورد الحق إلى أهله، أن يفعل ذلك. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 131038

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني