السؤال
عمري فوق الخمسين عاما، لا أعمل، وليس لدي دخل مادي. زوجي غني جدا، يرفض نهائيا مبدأ أن يكون لي مصروف شخصي أتصرف فيه كيف أشاء. يصرف هو كما يشاء، ووقت ما يشاء، ولكن عندما أنفق أنا من المال إذا كان الإنفاق في شيء يريده يسكت ولا يتكلم، ولو كان في شيء لا يريده، أسمع محاضرات منه في التوفير والاقتصاد.
جميع إخوتي فقراء، ومنهم مرضى منذ سنتين، ولم يتعالج؛ لعدم توفر المال للعلاج والفحص؛ وقد طلبت منه مرتين أن أعطيهم مالا، إنهم يستحقون الصدقة، وأنهم والله ما طلبوا مني أي مال، وأنا أعرف أخبارهم الصحية. بعد إلحاح مني عند زيارتي لهم؛ لما أراه من تعب ظاهر عليهم؛ فيرد زوجي علي: اعطيهم من مال الزكاة.
الآن بسبب مرضي المستمر، طلب زوجي مني إحضار خادمة لتساعدني بالبيت، ولكني أرفض ذلك الأمر لما يترتب عليه من الكثير من المشاكل من نواحي عدة.
السؤال:
1-إذا ملت في بيتي من كنس ومسح، وغسيل، ورعاية بيت وزوج، ونويت أن آخذ أجرا بدون علمه، وكأني أحضرت خادمة، وتصدقت بهذا المال للمرضى سواء كانوا إخوتي أم غيرهم؛ لأنه صدقا وحقيقة عندما أتصدق، يمن الله على بالعافية في بدني، ورؤيتي للمرضى ولا أستطيع مساعدتهم تزيدني مرضا.
2-عندما يفقد زوجي مالا في مشروع، أشعر براحة في قلبي. وأخيرا قلت له: هذا عقاب لك مقابل ما تمنعه عني من مال؛ لأنك أنت مصدر الدخل الوحيد لي في الدنيا من حيث المال؛ لأنه ليس عندي صحة لأعمل، ولا قريب يعطيني مالا.
فهل أنا آثمة لسعادتي لفقد بعض من ماله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل أن يوفقك، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.
وأما ما سألت عنه، فجوابه: أنما تحتاجه المرأة من مأكل ومشرب، وملبس ومسكن، واجب على الزوج توفيره بقدر كفاية المرأة بالمعروف.
والنفقة معتبرة بحال الزوج التي هو عليها، معسراً كان أو موسراً، فهذا هو الواجب عليه، ولا يلزمه دفع مصروف شهري، أو يومي إذا وفر ما يجب عليه من نفقة وكسوة.
وما زاد على الواجب، لا يجوز للزوجة أخذه من مال زوجها دون إذنه إلا برضاه، فإن شاء أعطاك لتتبرعي لإخوتك، أو غير ذلك من باب الإحسان، وإن أبى، فلا ظلم في ذلك. وليس لك أخذ أجرة منه دون علمه، مقابل عملك في بيتك. ومثل هذا مما يعالجه الزوجان بحكمة وتفاهم، وتناصح، لكن ينبغي للزوجة أن تتحين الأوقات التي تصفو فيها نفس الزوج، ويطيب خاطره للنقاش، وألا تنازعه وتجادله في أوقات الغضب، وأوقات تكدر الخاطر. وللفائدة، انظري الفتوى رقم: 105673
وأما ما تجدينه في نفسك من لذة وفرح لخسارة زوجك، فهذا لا يجوز إظهاره ولا استمراؤه، بل عليك محاولة دفعه.
قال القرطبي في تفسيره: الشماتة: السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدين والدنيا، وهي محرمة منهي عنها. اهـ.
وجاء في السنة ما يؤكد ذلك، ويبين أنه دليل على ضعف الإيمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه.
قال الحافظ في فتح الباري: لا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل، والحقد والغش، وكلها خصال مذمومة. قال الكرماني: ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، ولم يذكره؛ لأن حب الشيء، مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاء. اهـ.
فاستغفري الله من ذلك، وادفعيه عن نفسك إن خطر بها، وانظري إلى الجوانب الإيجابية في حياتك الزوجية، والخصال الحميدة في زوجك. وما تنقمين عليه من ذلك، حاولي علاجه بحكمة.
والله أعلم.