السؤال
كانت لي صاحبة وليست صديقة، تعرفت إليها في سكن الطالبات؛ لأنها في نفس غرفتي، واختلفت مع إحدى البنات؛ فاتصلت بي الأخرى، وقالت لي كلامًا سيئًا يجرح كرامتي، فأردت الرد عليها؛ فقالت لي: أعرف أني أستحق الشتم؛ فأغلقت الهاتف في وجهها؛ لأني علمت أني لن آخذ منها حقًّا أو باطلًا، وهي ليست من نفس كليتي، ولم نلتقِ بعدها، فهل ما بيننا هجر؟، مع العلم أني لم أخطئ في حقها، وأخشى إذا وصلتها عن طريق الفيس أن تجرحني مرة أخرى.
ثانيًا: الفتاة الأخرى التي أنا مختلفة معها في نفس كليتي، وعندما ألقاها وحدها أتظاهر أني لا أراها وأتحاشاها، وهي كذلك، وفي إحدى المرات ذهبت إليها خشية الهجر، وسلمت عليها، وسلمت عليّ، ولم يصفُ ما بيننا؛ فكلتانا ترى أنها قد جرحت من الأخرى، وكبرياؤها يمنعها أن تلقي عليّ السلام، وتسألني عن حالي، وأنا كذلك، وأستطيع أن أفعل ذلك في الجماعة، أي: ألقي السلام على الجماعة، فهل هذا هجر؟ مع العلم أني موسوسة شيئًا ما، وأفكر جدًّا في الموضوع، لكني جرحت منها جدًّا، وأنا حساسة جدًّا، ولن أستطيع أن أقهر نفسي أكثر من ذلك، فهل يكفي إلقاء السلام في الجماعة فقط؟ وهل هذا هجر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن التدابر، والهجران بين المسلمين فوق ثلاث.
وذهب جمهور العلماء إلى زوال الهجرة بمجرد السلام.
ولا يشترط لزوال الهجرة تعمد لقاء الأخ، أو القصد إلى زيارته للسلام عليه، ولكن المطلوب أن يسلم عليه إذا تلاقيا واجتمعا، قال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح: قيل: معنى الهجرة: هو ترك الرجل كلام أخيه مع تلاقيهما واجتماعهما، وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه، مصارمة له، وتركًا للسلام. اهـ.
وعليه؛ فإنّ عدم ملاقاتك للفتاة المذكورة، ليس من الهجر المحرم.
وأمّا الفتاة الأخرى، فإذا لقيتيها مع غيرها من الفتيات، فسلمت على جميعهنّ، فالظاهر أنّك قد أديت ما عليك.
وأمّا إذا اجتمعت معها وحدها، فلا تتركي السلام عليها، إلا إذا كان عليك مضرة في دينك، أو دنياك، فلا حرج عليك في هجرها حينئذ، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يولد به على نفسه مضرة في دينه، أو دنياه. فإن كان ذلك، فقد رخص له في مجانبته، وبعده، ورب صرم جميل، خير من مخالطة مؤذية. اهـ.
والله أعلم.