السؤال
إذا استيقظ رجل في الثلث الأخير من الليل، ثم صلى القيام، ثم نام، هل يحسب عند الله أنه قام الليل؟ أم لا بد أن ينام ثم يستيقظ للقيام في الثلث الأخير؟ لقوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع)، فقد سمعت أن المقصود بها قيام الليل.
وإذا استغفرت في بداية الثلث الأخير، فهل أعتبر من المستغفرين بالأسحار؟ أم لا بد أن يكون ذلك قبل الفجر مباشرة؟ ومتى يبدأ وقت السحر؟ فقد سمعت أنه قبل أذان الفجر بعشرين دقيقة.
شكراً لكم مقدما.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء مباشرة, وينتهي بطلوع الفجر, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 147923.
ولا يشترط لتحصيل ثواب قيام الليل الإتيان به بعد النوم في الثلث الأخير, بل إذا قمت الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجرفقد أتيت به.
أما الآية التي ذكرتَها, فهي واردة في قيام الليل عموما عند جمهور أهل العلم.
جاء في تفسير القرطبي: وفي الصلاة التي تتجافى جنوبهم لأجلها أربعة أقوال، أحدها: التنفل بالليل، قاله الجمهور من المفسرين، وعليه أكثر الناس، وهو الذي فيه المدح، وهو قول مجاهد والأوزاعي ومالك بن أنس والحسن بن أبي الحسن وأبي العالية وغيرهم. ويدل عليه قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}{السجدة:17}، لأنهم جوزوا على ما أخفوا بما خفي. والله أعلم، وسيأتي بيانه.
وفي قيام الليل أحاديث كثيرة، منها: حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل -قال: ثم تلا- {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} {السجدة:16} -حتى بلغ-" يعملون" (أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والقاضي إسماعيل بن إسحاق، وأبو عيسى الترمذي، وقال فيه: حديث حسن صحيح. انتهى.
وبخصوص وقت السحر فهو آخر الليل قبيل الفجر، وقيل يبدأ من الثلث الأخير من الليل، ويتعذر تحديد وقته بالدقائق. ففي فتاوى نورعلى الدرب للشيخ ابن عثيمين: متى يبدأ وقت السحر، وكيف نحسب الثلث الأخير من الليل؟ فأجاب رحمه الله تعالى: وقت السحر يبدأ في آخر الليل.
وأما حساب الثلث الأخير من الليل فهو أن تقسم الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أثلاثاً، فتحذف الثلثين الأولين منه وما بقي فهو الثلث الأخير، فإذا قدرنا أن ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر تسع ساعات، فإذا مضى ست ساعات من الليل فقد دخل الثلث الآخر من الليل.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 34779.
والله أعلم.