السؤال
هل حلاوة المولد النبوي التي تتمثل في العرائس والأحصنة الحلوة، تعتبر أصناما؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن المهم أن تعلم أولا أنه لا يجوز صُنعُ حلوى على هيئة ما له روح كإنسان أو حيوان، لأي مناسبة كانت. وذلك للأدلة الشرعية القاضية بمنع صنع التماثيل؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى صورة تماثيل: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. متفق عليه، وفي صحيح مسلم عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ، فِي بَيْتٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: هَذَا تَمَاثِيلُ كِسْرَى، فَقُلْتُ: لَا، هَذَا تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ».
وعند الترمذي عن ابْن عَبَّاسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا صُورَةُ تَمَاثِيلَ.
ثم إن الاحتفال بالمولد النبوي أمر محدث لم يأت به الشرع، وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من المحدثات، وأمرنا بلزوم سنته فقال: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. رواه أبو داوود.
وأما هل تعتبر تلك الحلوى التي على هيئة إنسان أو حيوان أصناما؟ فالجواب أن من العلماء من يرى أن لفظ الصنم يطلق على التمثال إذا كان على هيئة صورة.
جاء في تاج العروس: ذَكَر الفِهْريّ أَنّ الصَّنَم مَا كَانَ لَهُ صُورَة جُعِلت تِمْثالاً. والوَثَنُ مَا لَا صُورَة لَهُ، قُلْتُ: وَهُوَ قَولُ اْبنِ عَرَفَة .اهـ.
وقال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد: الْوَثَنُ الصَّنَمُ وَهُوَ الصُّورَةُ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ، أَوْ مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التِّمْثَالِ. اهـ.
فعلى هذا القول يصح إطلاق لفظ "الصنم" على التمثال المصنوع على هيئة حصان، والمشهور أن لفظ "الصنم" يطلق على ما عُبِدَ من دون الله تعالى.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني