الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاطر وتداعيات العلاقات العاطفية بين الجنسين

السؤال

ارتبطت بزميل في العمل دون علم أهلي، وقابلت أهله: أمه وأباه، وأخاه، وتعرفت عليهم.
في هذه السنة كانت تحصل بيننا علاقة جنسية غير كاملة، حصلت مرات عديدة. وكل مرة كان يؤجل الارتباط؛ لظروف عمله التي أنا على علم بها، رغم أني سهلت له كل أمور الزواج، ولم أطلب شيئا. وكنت أساعده بفلوس في أوقات الخروج والسفر، والعديد من الهدايا.
تحدثت مرة مع أمه في الهاتف؛ فأخبرتني بالعديد من الأسرار عنه، التي لم أكن أعرفها، فقد كان خاطبا لفتاة، ورغم ذلك تركها لأجل فتاة أخرى. وكان قد أخذ قرضا للزواج، صرفه على الفتاة الأخرى من هدايا وخروج.
المشكلة أنه كان يتصل بي، وكنت دائما أطلب منه أن نتزوج؛ لكي نرضي ربنا. وسهلت له كل أمور الزواج المادية، ولكنه كان دائما ينتظر أن تتحسن ظروف عمله. ورغم المشاكل الكثيرة بيننا حاولت أن أنفصل عنه مرات كثيرة، ولكن لم أستطع؛ لأني كنت متعلقة به.
بعد فترة منذ حوالي٣ أشهر، وبعد ارتباطنا بسنة، وجدت أنه يكلم زميلته المتزوجة مكالمات طويلة. ولما واجهته قال إنه كان يساعدها في شراء سيارة لها ولزوجها، وزوجها على علم. طبعا صدمت جدا؛ لأني كنت مخلصة له طول هذه السنة إخلاصا تاما. كلمت البنت التي كان مرتبطا بها قبلي، وعرفت أنهما يتكلمان في كل فترة، وقابلها مرة في أثناء فترة ارتباطنا.
جننت وقررت أن أؤذيه، وأشعره بألم الخيانة. للأسف كلمت أخاه الأكبر، وبعثت له صورا لي، صورا خاصة جدا. وعرضت عليه أن نخرج سويا؛ فوافق. وبعد ذلك خفت، وقررت ألا أكلمه، ورجعت أنا والشخص المرتبطة به نتكلم مرة أخرى. ولما علم أخوه، سلط بنتا تكلمه، وتقول إنها رأتني سهرانة مع رجل آخر وسكرانة، وأني لست عذراء، وقالت كلاما كثيرا لتشوية صورتي.
واجهني، فحاولت كثيرا جدا أن أثبت له أن هذا لم يحصل. إلى أن اعترفت له بما حصل بيني وبين أخيه، فجُن أكثر، وظل يتهمني بأني عاهرة، وشتمني بأسوأ الألفاظ، وسب أهلي، ويقول إني غير محترمة، وسأظل طول عمري خائنة، وهددني بالصور، وكان يريد أن يفضحني، وطلب مني فلوسا لكي يتركني من غير فضيحة؛ فرفضت.
لقد تبت من الذنوب ورجعت إلى الله، وأصلي، وأقرأ القرآن، وأتصدق بصفة مستمرة. وقد رزقني الله من عملي بفلوس حلال، لم أكم أتوقعها. لكن لا زلت أفكر في هذا الشخص، وأشعر أني ظلمته، لقد تركني في حالي، وتراجع عن الفلوس والفضيحة، لكن بعد إهانات، وضرب لي في الشارع.
هل له حق عندي وظلامة؛ لأنه يدعو علي؟
وكيف أنساه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرت من ارتباطك بهذا الرجل، إن كنت تعنين به إقامة علاقة عاطفية معه -وهو الظاهر- فإن هذا لا يجوز، علم بذلك أهلك أم لم يعلموا؛ لكونه ذريعة للفساد، ولهذا جاء الشرع بالنهي عن ذلك، قال تعالى: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء:25}.

قال الطاهر بن عاشور في تفسيره: ومتّخذاتُ الأخذَان: هنّ متّخذات أخلاّء، تتّخذ الواحدة خليلاً تختصّ به، لا تألف غيره. وهذا وإن كان يشبه النكاح من جهة عدم التعدّد، إلاّ أنّه يخالفه من جهة التستّر وجهل النسب، وخلع برقع المروءة. اهـ.

وما حدث من تجاوز، وما أسميته بالعلاقة الجنسية غير الكاملة، وحصولها مرات عديدة، لهو خير دليل على حكمة الشرع، وأن الخير كل الخير في اتباع ما جاء به. ولو أنه كان خاطبا لك، فإن الخطبة لا تعني أن تعامل المخطوبة كأنها زوجة، بل هي أجنبية عن الخاطب حتى يعقد له عليها العقد الشرعي، وراجعي للمزيد الفتوى: 231139.

وعلى كل، فإننا نسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك، ويغفر ذنبك، ويرزقك الزواج من رجل صالح، يعينك في أمر دينك ودنياك، إن ربنا سميع مجيب.

فنوصيك بالالتجاء إليه، والاحتماء بحماه، فهو من أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

ولم يظهر لنا فيما ذكرت أنك قد ظلمته، بل هو الظالم لك إن كان الحال ما ذكرت من أنه سبك، واتهمك في عرضك ونحو ذلك من هذه التصرفات السيئة.

وقد يكون ما كان معك منه ومن أخيه، من شؤم المعصية، والآثار السيئة للذنوب.

وإذا دعا عليك بغير وجه حق، فيرجى أن لا يستجاب له؛ لأنه دعاء بإثم، وقد ثبت في مسند أحمد عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها...الحديث. وهو يدل على أن الدعوة بإثم لا تستجاب.

وإن كان قلبك لا يزال متعلقا به، فعلاج العشق ميسور بإذن الله، وسبق بيان كيفية علاجه في الفتوى: 9360.

ونوصيك بالبحث عن رجل صالح يتزوجك، فهذا جائز، ويمكنك أن تستعيني بصديقاتك الموثوقات وغيرهن، وراجعي الفتوى: 18430.

وننبه في الختام إلى أن عمل المرأة له ضوابطه الشرعية التي تجب مراعاتها، ومن أهمها التزام الستر والحجاب عند الخروج من البيت، وأن لا يكون العمل في مكان يكون فيه اختلاط محرم بالرجال، ونحو ذلك من هذه الضوابط، وراجعي للمزيد الفتويين: 522، 3859.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني