الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجب استبراء الحامل بالوضع

السؤال

امرأة حامل في الشهر الثالث وغير متزوجة، تم العقد عليها من ابن عمتها، بحجة أنه هو سبب هذا الحمل، وذلك بعلم جميع أهل المرأة وأهل الرجل بحال هذا العقد. فما حكم ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ذهب طائفة من السلف والخلف منهم أحمد بن حنبل وصوبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، لقول الله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3]، وأجازه غيرهم.

ثم اختلفوا في نكاحها على مذهبين:
أحدهما: المنع حتى تضع، من الزاني نفسه أو من غيره، وهو قول المالكية والحنابلة، وحجتهم ما رواه أبو سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس: لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة. أخرجه أبو داود وصححه الحاكم، وله شاهد عن ابن عباس في الدارقطني.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى بامرأة مجحّ، أي: حامل قريبة الولادة على باب فسطاط فقال: لعله يريد أن يلم بها؟ فقالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه قبره، كيف يورث وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟.

وثانيهما: الجواز، وهو قول أبي حنيفة والشافعي على خلاف بينهما في الوطء بعد العقد، فأجازه الشافعي، لأن ماء الزاني غير محترم، وحكمه لا يلحقه نسبه، ومنعه أبو حنيفة حتى تضع لقوله صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع...

وبناء عليه، فإن العقد باطل على المذهب الأول، صحيح على المذهب الثاني على خلاف بينهم في الوطء بعد العقد.

والراجح تحريم نكاح الزانية حتى تتوب، ووجوب الاستبراء بالوضع، لورود النص في ذلك.

وأما الولد فلا ينسب إلى الزاني في قول جمهور أهل العلم، وانظر الفتوى: 4115، والفتوى: 1677.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني