السؤال
ظُلمت الظلم الشديد من زوجي في حق المبيت، وحق الإنجاب، وكل ما طلبت الانفصال والخلاص من هذه الحياة التي أرهقتني يعود لي بالوعود والعهود بأنه سيسمح لي بالإنجاب، حتى وهو معتكف بالمسجد الحرام يحلف ويُعاهد بالسماح لي بحق الإنجاب. للعلم هو متزوج اثنتين غيري، ولديه ثمانية أولاد، بنون وبنات، حتى أراد الله، وطلبت الانفصال، وعزمت على ذلك، حصلت طلقة واحدة، ثم بعد مرور شهر من العدة طلب الإرجاع، وعاهد بالسماح بالحمل، وعدت تصديقًا بعهوده، وهو بالحرم المكي، ثم ما لبث أن طلقني الطلقة الثانية بعد مرور شهرين من عودتي ، كل ما أريد معرفته ياشيخي هو أنه تعذر بعدم القبول النفسي لي، وطلب أن لا أظلمه من الظن في نواياه، وسامحته، بعد مرور ما يقارب السنة من انفصالنا عاد يطلب من أهلي عودتي له، وكما سبق يعد بحياة كريمة لي، اضطررت للتواصل مع إحدى زوجاته التي أثق فيها كثيرًا، وهي ذات علم ودين، وأخبرتني أنه طلقني لأجل أن يتزوج بأخرى، ولأنه كان يخشى رفضها له إذا علمت أنه متزوج بثلاث، طلقني أنا، وكانت نيته مراجعتي بعد العقد، وأنا أبيت العودة آنذاك، وأنه لم يكن له نية في الإنجاب حتى بعد مراجعتي المرة الأولى.
سؤالي ياشيخي الفاضل: هل يجوز لي العدول عن مسامحته أمام الله بعد أن تبين لي أنه مُكر بي، و خُدعت، وأُوذيت أذى شديدا طوال سنتين من استغلالي لأجل حق الفراش . وحسبنا الله ونعم الوكيل
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن عفا عن حق له، فليس له الرجوع فيما عفا عنه. ومن القواعد المقررة عند الفقهاء أن: الساقط لا يعود.
وقد بوب البخاري في صحيحه: باب: إذا حلله من ظلمه، فلا رجوع فيه. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن هذا فيما مضى من الظلامات محل اتفاق بين العلماء، وأن الخلاف فيما سيأتي منها. والحاصل أنه ليس لك الرجوع في هذا الحق الذي أسقطته عن زوجك بعفوك عن ظلمه لك.
ومن حقك الإنجاب، فليس لزوجك منعك منه، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقا، وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. اهـ.
وتأكد هذا الحق بالعهود التي قطعها على نفسه بأنه سيسمح لك بالإنجاب، فإن لم يفعل فقد أساء وتعدى وظلم.
وإننا ننصح بالصلح والموافقة على الرجوع إليه، إن رجوت أن ينصلح الحال، وتحسن العشرة، وتتحقق مقاصد الزواج، ومن أهمها أمر الإنجاب، فإن خشيت أن يستمر الحال على ما هو عليه، فلعل الأولى أن تصرفي النظر عنه، وتسألي الله -عز وجل- أن ييسر لك زوجا خيرا منه، فعند استحالة العشرة الفراق أفضل.
قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
والله أعلم.