الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في دفع الكفارة إلى الصغير الذي لا يأكل الطعام

السؤال

هل يجزئ في كفارة اليمين إطعام عشرة رضع أيتام حليبا يكفيهم. علمًا أنهم لا يطعمون إلا الحليب؟
هل يجب على الأب إخراج كفارة يمين ابنته البالغة التي في حجره؟
وشكرًا جزيلًا لكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا يجب على الأب أن يخرج كفارة اليمين التي حنثت فيها ابنتُه البالغة، ولو كانت تحت نفقته، وإذا كانت البنت لا تملك ما تخرج به كفارة اليمين، فعليها أن تُكَفِّرَ بالصيام؛ لقوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة:89}.

ولا يجبُ عليها أن تطلب من والدها المال للكفارة، وليس على الوالد أن يخرجَ الكفارة عن ولده، ولو كانت عليه نفقته؛ لأن الكفارة ليست من النفقة، ولكن لو تبرع بدفعها كان ذلك حسنًا.

وأما دفع الكفارة للرضيع حليبا، فإن هذا لا يجزئ؛ لأن الحليب ليس من الأصناف التي تخرج منها الكفارة. وانظر الفتوى: 362731.

هذا؛ وقد اختلف الفقهاء في إجزاء دفع الكفارة إلى الصغير الذي لا يأكل الطعام، فمنهم من قال لا يجزئ دفع الكفارة إليه لأنه لا يأكل، وقيل يجزئ، وتصرف في مصالحه.

قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا مَنْ لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ دَفْعِ الْقِيمَةِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ مِسْكِينٌ يُدْفَعُ إلَيْهِ مِن الزَّكَاةِ، فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ. اهــ
وقال أيضا: وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُطْعمْ، وَيَقْبِضُ لِلصَّغِيرِ وَلِيُّهُ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمَذْهَبُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ مُحْتَاجٌ، فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ، وَلِأَنَّ أَكْلَهُ لِلْكَفَّارَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهَذَا يَصْرِفُ الْكَفَّارَةَ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، مِمَّا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُ. اهــ

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني