الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في عدة الطلاق والوفاة والحكمة منها

السؤال

والديَّ منفصلان منذ ما يقارب 15سنة، وأمي في بيت أهلها، وأبي في بيته، فهل يجب عليها العدة؟ وفي أي منزل تعتد؟ علمًا أن المنزل الذي يسكنه والدي لم تسكنه أمي معه إطلاقًا، فهل تعتد في بيت أبيها؟ كما أن الوالد رمى عليها يمين الطلاق أكثر من أربع مرات، ولم يوثّق ذلك في المحكمة.
وأمي فرحة من وفاة والدي أكثر من كونها حزينة، وتجتمع مع النساء، وصوت الضحكات تتعالى في بيتنا، ونحن في حزن وألم، علمًا أنها تواصلت مع أحد المشايخ، فأجابها بوجوب الحداد، وأخذت ذلك حجة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان أبوكم طلّق أمّكم في حياته وصحته ثلاث تطليقات، فقد بانت منه بينونة كبرى، وكان عليها أن تعتد للطلاق منذ طلقها، ولا تسقط عدة الطلاق بهجر الزوج زوجته مهما طالت المدة، سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-: رجل تغيب عن زوجته في السفر لمدة عشرين سنة، وبعد هذه المدة أرسل لها طلاقها بالخلع طلاقًا صحيحًا، وتريد هذه المرأة أن تتزوج، فهل عليها عدة؟ حيث إن زوجها سافر عنها من مدة عشرين سنة، ولم يباشرها. وهل العدة لاستبراء الرحم أم لغير ذلك؟

فأجاب: "إذا كان الواقع كما ذكرتم، فلا ريب أن عليها العدة؛ لأن العدة لا تكون إلا بعد الطلاق، ولو طالت غيبة الزوج عن المطلقة؛ لقول الله سبحانه: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ).

أما الحكمة في ذلك؛ فقد ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله- في كتاب: "إعلام الموقعين" بحثًا نفيسًا في هذا الموضوع، كما ذكر أن الحكمة لا تختص بقصد براءة الرحم، بل هناك حِكَمٌ أخرى؛ ولهذا وجبت العدة على المتوفى عنها زوجها، وإن لم يدخل بها، وإن كانت صغيرة، ليست ممن يُظن بها الحمل، وهكذا الآيسة؛ وبذلك يُعلم أن لله سبحانه حِكمًا في العِدد سوى براءة الرحم. انتهى من مجموع فتاوى ابن باز.

وليس عليها عدة وفاة في هذه الحال، ولا إحداد.

أمّا إذا كان أبوكم مات وهي في عصمته، لم تبن منه بالطلاق؛ ففي هذه الحال تجب عليها عدة الوفاة والإحداد: أربعة أشهر وعشرًا، وتعتد في البيت الذي توفي زوجها وهي ساكنة فيه، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا ثبت هذا؛ فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به. انتهى.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع على زاد المستقنع: إذا مات وهي في منزل أهلها، لكن ذهبت إليهم لزيارة، لا للسكنى، فإنها ترجع إلى بيت زوجها. انتهى.

وعليه؛ فما دامت أمّكم لم تسكن مع أبيكم في مسكنه، فالظاهر لنا أنّها تعتد في بيت أهلها الذي كانت ساكنة فيه، وللإحداد أحكام سبق بيانها في الفتوى: 49428.

وإذا وجبت عليها عدة طلاق، أو وفاة، وفات وقتها، فلا تقضي, وانظري الفتوى: 153743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني