الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجرد كتابة الممتلكات لا تكفي في الدلالة على التمليك

السؤال

أبي تزوج أمي، علمًا أن الاثنين كانا متزوجين من قبل، ولهم أبناء وبنات من أزواجهم السابقين، وبعد فترة غير قليلة انفصل والدي عن والدتي، ولظروف أمنية خاصة بعمله؛ قال لها: إنه سوف يكتب كل ما يملك من مال، وممتلكات باسم والدتي؛ بشرط أن تكون كل ممتلكاته وماله بعد وفاته لأبنائه؛ حيث إن طبيعة عمله في الأجهزة الأمنية من الممكن أن تؤدي إلى وفاته، وتم الاتفاق على هذا، وأوصاها بهذه الوصية على سبيل الأمانة، وأوصاها بأن تكتب وصية بهذا الاتفاق، ولكن والدتي لم تقم بكتابة هذه الوصية بعدما كتب أبي كل شيء لها؛ بسبب ضغط أبنائها وبناتها من زوجها الأول؛ حيث قالوا لها: إن الوصية حرام، وإن الله سوف يحاسبها إذا كتبت الوصية؛ مع العلم أنها ذهبت إلى دار الإفتاء، وطلبوا منها أن تكتب الوصية؛ لأن هذه إرادة والدي صاحب المال والممتلكات، وقامت دار الإفتاء بكتابة ورقة بهذا الحكم، ولكن والدتي أخفتها خوفًا من أبنائها، ولم تقم بكتابة أي وصية، - كما أوصى أبي، وخانت الوصية، مع العلم أن خالتي شاهدة، وأخت من الأخوات من زواجها الأول شاهدة على هذا الاتفاق، والوصية، ولقد توفت والدتي منذ أيام، وأخواتي من والدتي يريدون الآن حصتهم من الميراث؛ مع العلم أن والدتي لم تكن تملك أي شيء قبل الزواج من والدي، وهم يريدون أن يأخذوا ميراثهم من مال، وممتلكات أبي، وأنا وأخي الشقيق غير راضين، وغير مسامحين في أموال وممتلكات والدي، نرجو إفادتنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا أولًا: نسأل الله تعالى أن يغفر لأمّكم، ويرحمها برحمته الواسعة، ويعلي في الجنة درجاتها، وأحسن الله عزاءكم فيها.

وقد سبق وأن بينا أن مجرد كتابة الممتلكات لا تكفي في الدلالة على التمليك، فيمكنك أن تراجع الفتوى: 36315.

وفي سؤالك ما يدل على أن أباك لم يقصد تمليكها؛ بدليل ما ذكر من اشتراط كون هذه الممتلكات بعد وفاته لمن ذكر من أبنائه.

والوصية للأبناء لا تصح، ولا يجوز تنفيذها؛ لأنها وصية لوارث، وهو مما لا تجوز الوصية له، كما جاءت بذلك السنة، ففي الحديث الذي رواه أصحاب السنن عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.

فإن كان أبوكم قد توفي قبل وفاة أمكم، فالمال الذي تركه حق لجميع ورثته؛ لما ثبت في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن ترك مالًا، فلورثته. وتدخل في ورثته أمكم، فيخرج نصيبها، ويوزع على ورثتها، إن لم يكن انفصالها عن أبيكم عن طلاق.

فإن كان قد طلّقها، فهنالك تفصيل في ميراث المطلقة، سبق بيانه في الفتوى: 143921.

وإذا حدثت منازعات وخصومات، فالأولى مراجعة المحكمة الشرعية؛ لتستدعي البينات والشهود، وما يحتاج إليه للحكم، وليلزم القاضي بحكمه، فينفذ.

ويمكن الرجوع لدار الإفتاء؛ لأخذ المستند الذي يثبت أن هذا المال ملك للأب، وليس للأم.

وننصح الجميع بأن يتقوا الله، فلا يسعى أحد في أن يأخذ من المال ما لا يستحق، فيقع في الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني