الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب إعادة الصلوات المقضية إذا تبين أن بعضها تجب إعادتها؟

السؤال

إذا كنت آخذ بالقول بوجوب الترتيب بين الفوائت في القضاء، فهل يجب إعادة الصلوات التي قضيتها، إذا علمت أن بعض الصلوات التي تسبقها يجب إعادتها، فابدأ القضاء من جديد؛ حتى أحقق الترتيب؟ وهل يجب إعادة الصلوات في هذه الحالات:
عدم ستر اليد في حال كنت لا أعلم وجوب سترها، والآن آخذ بالقول الذي يوجب ذلك
الجهر والاسرار في غير موضعهما، والآن أعمل بقول من يوجبهما
قراءة الصلاة الإبراهيمية في الركعة الثانية جهلًا
ترك الاستعاذة من المسيح الدجال في نهاية الصلاة.
ترك قراءة سورة بعد الفاتحة والآن آخذ بقول من يوجب ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقبل الجواب ننبه أولًا إلى أنه لا تلازم بين وجوب ترتيب الفوائت، وبين وجوب إعادة ما أخل به، فوجوب الترتيب هو قول الجمهور من المالكية، والحنابلة، قلت الفوائت، أو كثرت، ويوافقهم الأحناف في الفوائت اليسيرة، فيوجبون الترتيب بينها.

أما كون ترتيب الفوائت شرطًا للصحة، ومن ثم؛ بطلان الصلاة المقدمة عن التي قبلها في الترتيب، فهو مذهب الحنابلة وحدهم.

ثم إن الذي فهمناه من سؤالك أنه كانت عليك فوائت، وقد قضيتها مرتبة، إلا أنه تبين لك بطلان بعض تلك الصلوات بعد قضائها، فتسألين: هل وجوب الترتيب، يقتضي إعادة ما صليته من الفوائت صلاة صحيحة بعد أن تقضي الصلاة الفائتة التي تبين بطلانها؛ ليتحقق الترتيب؟

وإذا كان ما فهمناه من السؤال هو مراد السائلة، فنقول: الذي يظهر لنا أنه لا إعادة عليك ما دمت تجهلين بطلان الصلاة، أو الصلوات التي أدى قضاؤها بسبب تبين بطلانها إلى تأخيرها عن محلها الأول باعتبار الفوائت السابقة، جاء في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية: فإن نسي الترتيب، مثل أن يصلي الظهر، ثم يذكر أنه لم يصل الفجر، أو أنه صلاها بغير طهارة، سقط الترتيب عنه، في ظاهر المذهب. وفي كشاف القناع على متن الإقناع: (وإن نسي الترتيب بين الفوائت حال قضائها) بأن كان عليه ظهر وعصر مثلًا، فنسي الظهر حتى فرغ من العصر... سقط وجوبه) أي: الترتيب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - «عفي لأمتي الخطأ، والنسيان». رواه النسائي. انتهى.

وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة لمؤلفه عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري: الحنابلة قالوا: ترتيب الفوائت في نفسها واجب، سواء كانت قليلة أو كثيرة، فإذا خالف الترتيب، كأن صلى العصر الفائتة قبل الظهر الفائتة، لم تصح المتقدمة على محلها، كالعصر في المثال السابق إن خالف وهو متذكر للسابقة، فإن كان ناسيًا أن عليه الأولى، فصلّى الثانية، ولم يتذكر الأولى حتى فرغ منها، صحّت الثانية؛ أما إذا تذكر الأولى في أثناء الثانية، كانت الثانية باطلة. انتهى.

ونكتفي بإجابة هذا السؤال؛ إذ إن سياسة الموقع الإجابة عن سؤال واحد فقط، أما سائر الأسئلة فيمكنك إرسال كل واحد منها في رسالة مستقلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني