الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب البنك من الآمر بالشراء ضماًنا لجديته بالشراء

السؤال

أريد الاستفسار حول معاملات البنوك التشاركية، ما هي ضمانة البنك شرعًا حول الوعد بالشراء من طرف الراغب في شراء سيارة؟ حيث إنه لا يجب أن يلزمه البنك بتوقيع أي ضمانات، وله كل الحق في التراجع عن وعده بالشراء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي سؤالك إجمال، لم نتمكن معه من تصور ما تريد الاستفسار عنه تصورًا تامًّا، لكنا نذكر لك نقاطًا مجملة قد تفيدك حول الموضوع، وهي:

أولًا: لا حرج في التعامل مع البنوك الإسلامية، في المرابحة المنضبطة بضوابط الشريعة.

ثانيًا: صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي، بجواز بيع المرابحة للآمر بالشراء، ونصه: أولًا: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء، إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعًا، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي، ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع، وانتفت موانعه.

ثانيًا: الوعد ـ وهو الذي يصدر من الآمر، أو المأمور على وجه الانفراد ـ يكون ملزمًا للواعد ديانة، إلا لعذر، وهو ملزم قضاء، إذا كان معلقًا على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة، إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلًا، بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.

ثالثًا: المواعدة ـ وهي التي تصدر من الطرفين ـ تجوز في بيع المرابحة، بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما، أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار، فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة، تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكًا للمبيع؛ حتى لا تكون هناك مخالفة؛ لنهي النبي عن بيع الإنسان ما ليس عنده. اهـ.

ثالثًا: طلب البنك من الآمر بالشراء ضماًنا لجديته بالشراء، وتفاديًا لنكوصه وتراجعه عن الشراء، لا حرج فيه إجمالًا، حيث إن البنك سيتكلف شراء السلعة، إن كانت المعاملة مرابحة؛ بناء على طلب المشتري، وتراجعه عن الشراء، قد يضر البنك؛ لتكلفه ما ليس بحاجة إليه من أجل المشتري؛ ولذا نصّت المجامع الفقهية على جواز أخذ ما يسمى بهامش الجدية في الشراء، وهو ليس جزءًا من الثمن، وإنما هو تعبير عن الجدية في الوعد بالشراء، وإن نكص المشتري وتراجع، جاز للبائع أن يأخذ من ذلك الهامش ما تكلفه في إحضار السلعة، وإجراءاتها، إن كان لذلك تكلفة، وأعاد الباقي إلى صاحبه، ولا يجوز له أن يأخذ أكثر مما لحقه من ضرر، جاء في قرار المجمع الفقهي المنعقد في سنة 1403 هـ. 1983 م: ويرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة، وغيرها، جائز؛ بشرط ألا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بقدر الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول. اهـ. ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 315481.

رابعًا: ينبغي مشافهة اهل العلم حيث أنت بما تستشكله حول هذه المعاملة، ونحوها، مما قد يحتاج فيه إلى استفصال منك؛ حتى لا يحتاج المفتي إلى فرض احتمالات قد لا يكون لها وجود في الواقع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني