الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أعاني من عدم قدرتي على نسيان حبيبتي الأولى، منذ 5 سنوات بدأت علاقتنا، كنا نفعل كل شيء مع بعضنا البعض حتى الصلاة.
كنا حتى ننام على نفس الفراش، ولكن دون التفكير في الفاحشة. كانت أحب إلي من نفسي، لكن كان هذا الحب بعد حب الله ورسوله والوالدين.
وأهلي لا يعرفون أني أحببتها؛ لأن تلك الفتاة كانت من أقرباء أمي، ولا أحد يعلم عن هذه العلاقة سواي أنا وهي، وأحد أقرب أصدقائي، والله.
ولكن منذ عام أجبرت على السفر وتركها، وطلبت مني في ذلك اليوم ألا أكلمها؛ لأنها شعرت بأني سأجد شخصا أحبه يكون جديرا بهذا الحب. وحاولت أن أتصل بها مؤخرا؛ فعرفت أنها خطبت لابن عمها. وعرفت بأن عائلتها علمت أنها كانت تحب شخصا، ولكن لم يعرفوا أنه أنا.
ماذا أفعل الآن؟ لا أستطيع أن أنساها، ولا أستطيع أن أجد هذا الحب الذي أخبرتني عنه. ومستواي الدراسي يهبط بسبب حزني، وبكائي المستمر.
ماذا أفعل؟
أرجو الرد السريع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحسن أن يحب المسلم الله ورسوله والوالدين، ولكن من أعظم ثمرات حب الله ورسوله امتثال ما جاء في الكتاب والسنة من الأوامر، واجتناب ما جاء فيهما من النواهي. ومن ذلك ما جاء من النهي عن المخادنة وهي اتخاذ الخليلات، وهي عادة سيئة كان عليها أهل الجاهلية فأبطلها الإسلام، قال تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}.

هذا بالإضافة إلى ما في فعلكما هذا من الخلوة المحرمة، بل والنوم على نفس الفراش. روى أحمد في المسند عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا يخلونّ رجل بامرأة؛ فإن ثالثهما الشيطانُ.

وليست العبرة في عدم التفكير في الفاحشة، وإنما العبرة بسوء العمل، فإنه لا تحسنه النية الحسنة. هذا بالإضافة إلى أنه ربما قاد الشيطان بسببه إلى الفاحشة فإنه طريق إليها، ولذلك قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.

فاحمد ربك على أنه أنجاك من شره من هذه الجهة، وتب إلى ربك عز وجل توبة نصوحا، وراجع شروط التوبة في الفتوى: 5450.

وهذه التوبة إن صدقت فيها قد يجعلها الله لك سببا في نسيانها، وراحة النفس من هذا العذاب، ونار العشق التي في قلبك.

هذا بالإضافة إلى أن كونها قد خطبت، ينبغي أن يعينك على نسيانها، ففوض أمرك إلى الله سبحانه وتعالى، وسله أن يرزقك زوجة صالحة خيرا منها، فهو القائل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

وراجع الفتوى: 9360، ففيها مزيد بيان عن سبل علاج العشق، فاستعن بها لتسلك سبيل النجاة، فلا تهلك نفسك ولا تضيع مستقبلك بأوهام الحب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني