الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا انطبق على المرأة وصف الغارم أو الفقير فإنها تستحق الزكاة

السؤال

امرأة كبيرة بالسن، كان لديها منزل قديم، وفيه عدة عيوب، وكانت تريد إصلاحه لكنها لم تقدر، فأتى تاجر، وبنى البيت دورين، الدور الأول بناه محل، والثاني سكن للمرأة، بشرط أن يكون بالمحل لمدة طويلة كمؤجر بتكلفة ما دفعه، وأصبح على المرأة حاليا تكلفة 25 مليون، وهي مدة طويلة، لسداد دينها من الإيجار. علمًا أن سعر المحل المؤجر 100 ألف شهرياً فقط،
سؤالي: هل يجوز الصدقة والزكاة على المرأة لقضاء بعض دينها؟ للعلم أنها أرملة، وليس لديها إلا ابنة فقط هي الوحيدة لمصدر قوتها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود أنّ هذه المرأة عليها ديون أخرى بخلاف أجرة التاجر الذي بنى لها البيت، استدانتها في أمور مباحة، وليس عندها ما تقضي به دينها، فيجوز دفع الزكاة إليها بصفتها غارمة في مباح، فيدفع إليها ما تقضي به دينها.

إلا إذا كان عندها عقار زائد عن حاجتها، وتقدر على بيعه، ويكفي لقضاء دينها، فلا تستحق الزكاة حينئذ.

وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-: لي صديق اشترى بيتاً له، وكلفه مبلغاً من المال وصل إلى ثلاثمائة ألف أو يزيد، ولكنه لم يستطع تسديد المبلغ بالكامل، فقد بقي مديناً قرابة الخمسين ألف، فهل يحق أن يأخذ من الزكاة التي تأتي من المسلمين مع العلم أنه يملك أرضاً وبيته القديم؟

فأجاب -رحمه الله- : إذا كان اشترى البيت الجديد للتجارة أو لمزيد الدنيا وعنده بيت يكفيه فلا يستحق الزكاة، بل يبيع بيته الجديد ويوفي ما عليه من الدين، أو يلتمس ذلك من جهات أخرى؛ لأنه ليس فقيراً ما دام عنده السكن. انتهى0

وأمّا إن كان المقصود السؤال عن إعطاء المرأة من الزكاة لسداد دين التاجر الذي بنى لها البيت، فنقول:

إن كان العقد الذي تمّ بين التاجر والمرأة قد ذكر فيه التكلفة الكلية وأجرة المحل وبناء عليه مدة انتفاعه بالمحل مقابل بنائه البيت؛ ففي هذه الحال يكون العقد صحيحاً لازماً، وللتاجر الانتفاع بالمحل المدة المحددة، وليس على المرأة دين للتاجر إذاً، فلا تستحق الزكاة بوصفها غارمة.
أمّا إذا لم يكن في العقد تحديد التكلفة وأجرة المحل؛ فالظاهر -والله أعلم- أنّ العقد غير صحيح لما فيه من الجهالة.

جاء في البيان والتحصيل لابن رشد: قال ابن القاسم في رجل قال لرجل: أعطني عرصتك هذه أبنيها بعشرة دنانير، أو بما دخل فيها على أن أسكنها في كل سنة بدينار حتى أوفي ما غرمت فيها وأصلحت. قال: إن سمى عدة ما يبنيها به، وما يكون عليه في كل سنة، فذلك جائز، وإن لم يسم فلا خير فيه. قال محمد بن رشد: وهو كما قال؛ لأنه إن سمى عدة ما يبنيها به، ولم يسم ما يكون عليه في كل سنة؛ كان كراء مجهولا، وإن سمى ما يكون عليه في كل سنة، ولم يسم ما يبنيها به، كان الكراء معلوما، وأمده مجهولا، وإذا سمى الوجهين كان كراء معلوما إلى أجل معلوم فجاز. انتهى.

وفي هذه الحال يكون على المرأة أجرة المثل للتاجر، فتكون مدينة له بهذه الأجرة، فإذا لم يكن عندها من العقارات أو غيرها ما تسد به دينها، فإنّها تستحق الإعطاء من الزكاة بوصفها غارمة.
وراجع في صفة الغارم المستحق للزكاة الفتوى: 27380.
وإذا لم يكن لدى المرأة من المال ما يكفي لسد حاجاتها الأساسية من مأكل ومشرب وملبس, ونحو ذلك جاز لها الأخذ من الزكاة الواجبة بوصف الفقر.

وقد بينا ضابط الفقير الذي تصرف إليه الزكاة في الفتوى: 128146.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني