الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواز مخاطبة الميت بصيغة مخاطبة الحي

السؤال

هل يجوز ذكر الموتى، أو الأحياء الغائبين عنا، بصيغة المخاطب مثل: السلام عليك يا رسول الله، رحمك الله يا والدي، شفاك الله يا خالد.
وما هي صيغة السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند زيارة قبره الشريف، للسلام عليه وعلى صاحبيه.
أرجو ذكر الإجابة باستفاضة وتفصيل، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في مخاطبة الميت بضمير مخاطبة الحي، كأن يقال: "يرحمك الله" أو "غفر الله لك" ونحوها؛ فقد ورد مثل هذا في بعض الأحاديث، وكان السلف من الصحابة والتابعين يستعملون مثل هذا الخطاب.

فعند الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرًا لَيْلًا، وَأُسْرِجَ لَهُ فِيهِ سِرَاج، فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَقَالَ: «رَحِمَكَ اللهُ إِنْ كُنْتَ لَأَوَّاهًا، تلَّاءً لِلْقُرْآنِ» رواه الترمذي.
ومما روي عن السلف في ذلك ما رواه الإمام مالك وأحمد عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا دخل المسجد يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت.
وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد أن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ دَفَنَ ابْنَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ جعل قَبْرهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَاسْتَوَى قَائِمًا وَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا بُنَيَّ، فَقَدْ كُنْتَ بَرًّا بِأَبِيكَ.

ولما دُفِنَ أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- دخل قبره معاذ بن جبل وعمرو بن العاص والضحاك بن قيس، فلما سفوا عليه التراب، قال معاذ: رحمك الله أبا عبيدة، كنت والله ما علمت من الذاكرين الله كثيرا، ومن الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، ومن الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. اهـ.

وانظر المزيد حول هذا في الفتوى: 195249.
وكذا لا حرج في مخاطبة الحي الغائب بضمير المخاطب الحاضر، فقد كان العرب يستعملون ذلك لا سيما في أشعارهم، ومن ذلك ما قالته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل حين قتل ابنُ جرموز زوجها الزبير رضي الله عنه:

غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ يَوْمَ اللِّقَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ

يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ لَا طَائِشًا رَعِشَ الْجَنَانِ وَلَا الْيَدِ

شَلَّتْ يَمِينُكَ إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوبَةُ الْمُتَعَمِّدِ

ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ هَلْ ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ فِيمَنْ مَضَى فِيمَا تَرُوحُ وَتَغْتَدِي؟

كَمْ غَمْرَةٍ قَدْ خَاضَهَا لَمْ يَثْنِهِ عَنْهَا طِرَادُكَ يَا ابْنَ فَقْعِ الْقَرْدَدِ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني