الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم من يأخذ أموال من الناس لكي يشغلها لهم عند شخص آخر، وهم لا يعرفون هذا الشخص الذي سيتم تشغيل الأموال معه، ولا يعرفون سوى أنه يعمل في نشاطات مشروعة، ولكن لا يعرفون نوع النشاط تحديداً الذى يتم تشغيل الأموال به، ثم يقوم هذا الشخص الذى يأخذ الأموال بالاتفاق معهم على أن نسبة الربح حوالى 20 بالمائة من إجمالي رأس المال قابلة للزيادة والنقصان؛ حيث إنه يعلم طبقاً لدراسات الجدوى ولحال السوق أن الأرباح ستكون أكبر من ذلك، ويتفق معهم على مدة معينة، وقد تزيد المدة عن المدة التي اتفق عليها معهم، ثم تأتى الأرباح وتكون أكبر من نسبة ال 20 بالمائة التي اتفق عليها معهم، فيعطيهم نسبة ال 20 بالمائة التي اتفق عليها معهم، ويأخذ هو الباقي لنفسه بدون علم أصحاب رأس المال، ولا من يقوم بتشغيل الأموال معه، فهل في هذه المعاملة من محاذير شرعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فههنا مسألتان:

- الأولى: أن المضاربة الشرعية لا يصح فيها ضمان رأس المال، فضلا عن الاتفاق على أن الربح سيكون نسبة معينة من رأس المال. وعلى ذلك فقول السائل: (نسبة الربح حوالى 20 % من رأس المال قابلة للزيادة والنقصان) إن كان يعني به ضمان رأس المال، فضلا عن ربح يقترب من النسبة المذكورة، فهذا يفسد المضاربة.

وأما إن كان يعني مجرد الإخبار بالربح المتوقع دون اشتراط أو التزام بشيء من ذلك، وأن أصحاب رأس المال سيتحملون الخسارة في أموالهم إن حصلت، فلا حرج في ذلك. ولابد مع ذلك من الاتفاق على نسبة مشاعة لتقسيم الربح بين المضارب وبين أصحاب رؤوس الأموال، كأن يكون للمضارب ثلث الربح، ولأصحاب رؤوس الأموال الثلثان، مثلا.

ولا تصح المضاربة إلا بالاتفاق على ذلك، بحيث تكون نسبة مشاعة من الأرباح لا من رأس المال. فإذا لم يتم الاتفاق على ذلك فسدت المضاربة وفسخت، وكان لرب المال كل الربح، وللمضارب أجرة مثله، في قول جمهور أهل العلم، وقيل: له قراض مثله.

وراجع في ذلك الفتويين: 72779. 206356.

- الثانية وهي المقصودة بالسؤال: أن أصحاب رؤوس الأموال إن كانوا يدفعون لهذا الشخص أموالهم على سبيل المضاربة، ليعمل فيها بنفسه، فلا يجوز له دفعها لغيره إلا بإذنهم. اللهم إلا أن يكونوا فوضوه تفويضا مطلقا في استثمار هذا المال. فإن فوضوه تفويضا مطلقا، أو إذنوا له بدفعها لغيره لاستثمارها، فالربح بينه وبين أصحاب المال بحسب الاتفاق بينهم، ثم يقتسم حصته من الربح مع المضارب الثاني بحسب ما اتفقا عليه.

وراجع في ذلك الفتويين: 226606، 80353.

وأما إذا لم يفوضوه ولم يأذنوا له، فلا حق له في الربح إن حصل، وإنما يكون بين أصحاب رؤوس الأموال وبين المضارب الثاني، وإن حصلت خسارة ضمن هو هذه الخسارة من ماله، ونظر الفتوى: 106431.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني