السؤال
أملك بعض المال: جزء منه في يدي، وجزء آخر قروض عند بعض الأهل والأقارب، فهل أزكّي المجموع بغضّ النظر عما في يدي، وما هو موجود كقرض، أم إنني أزكّي عن الجزء الذي في يدي، وأنتظر استرجاع القروض، ثم أزكّيها؟
ملاحظة: عادة أزكّي عن المال الذي في يدي في تاريخ معين من كل عام، دون مراعاة مرور الحول.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه القروض التي ذكرت على شخص مليء، مقرّ بها، وليس معسرًا، ولا منكرًا، فعليك أن تزكّيها؛ لأنها كالأمانة بيد من هي عليه، تزكّيها مع مالك كلما حال عليه الحول. والحول المعتبر هو الحول بالأشهر القمرية.
وأما إذا كانت هذه القروض على معسر، أو مماطل، فإنك تزكّيها إذا قبضتها لسنة واحدة؛ حتى وإن كانت قد بقيت عند المقترض سنين.
وما ذكرته من إخراج زكاة مالك في تاريخ معين من كل عام دون مراعاة مرور الحول؛ فإذا كان ذلك يؤول إلى تعجيل بعض الزكاة في المال الذي يشترط في زكاته حلول الحول القمري؛ فقد أجاز الجمهور تعجيلها، وهو الراجح.
وحجتهم في ذلك ما روى أبو عبيد في الأموال -وحسنه الشيخ الألباني في إرواء الغليل- عن علي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقته سنتين .. ويشهدُ له ما في صحيح مسلم، وغيره حين قيل: إن العباس منع الزكاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأما العباس، فهي عليّ، ومثلها معها.
ولأن الحول إنما شرط رفقًا بالمكلف، فإذا أسقطه سقط، قال الخطابي في معالم السنن: الأجل إذا دخل في الشيء رفقًا بالإنسان؛ فإن له أن يسوغ من حقه، ويترك الارتفاق به، كمن عجل حقًّا مؤجلًا لآدمي. وكمن أدّى زكاة مال غائب عنه، وإن كان على غير يقين من وجوبها عليه؛ لأن من الجائز أن يكون ذلك المال تالفًا في ذلك الوقت. اهـ.
وإما إن كانت عدم مراعاة الحول ستؤول إلى تأخير بعض الزكاة عن حلول حولها من غير عذر، فهذا غير جائز البتة، كما لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، ولا تأخير الصيام عن وقته، ولأنها حق للفقراء، فلم يجز منعهم منه، ولا حرمانهم من الانتفاع به، ولأن الأمر بإيتاء الزكاة يقتضي وجوب الامتثال على الفور. وقد رخص بعض أهل العلم في تأخير الزكاة مدة يسيرة -كاليوم، ونحوه- لمصلحة راجحة.
ولمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى: 860 ،2861، 113457.
والله أعلم.