السؤال
إذا اجتمعت إرادة الله الكونية والقدرية بمحل وتخالفا، فهل هذا تنازع؟ وما معنى كون الله سبحانه وتعالى له إرادتان: إحداهما: نافذة، والأخرى: غير نافذة، وهو سبحانه إذا أراد شيئا كان؟
إذا اجتمعت إرادة الله الكونية والقدرية بمحل وتخالفا، فهل هذا تنازع؟ وما معنى كون الله سبحانه وتعالى له إرادتان: إحداهما: نافذة، والأخرى: غير نافذة، وهو سبحانه إذا أراد شيئا كان؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا يتضح من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: الإرادة في كتاب الله نوعان:
* إرادة دينية شرعية.
* وإرادة كونية قدرية.
فالأول: كقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، وقوله تعالى: {ولكن يريد ليطهركم}، وقوله تعالى: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم}، إلى قوله: {والله يريد أن يتوب عليكم}. فإن الإرادة هنا بمعنى المحبة والرضى، وهي الإرادة الدينية، وإليه الإشارة بقوله: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
وأما الإرادة الكونية القدرية: فمثل قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا كأنما يصعد في السماء}، ومثل قول المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. فجميع الكائنات داخلة في هذه الإرادة والمشيئة، لا يخرج عنها خير ولا شر. وهذه الإرادة والمشيئة تتناول ما لا يتناوله الأمر الشرعي، وأما الإرادة الدينية، فهي مطابقة للأمر الشرعي لا يختلفان. اهـ.
فالإرادة الدينية الشرعية إنما تعني ما يحبه الله ويرضاه، وهذا قد يقع، وقد لا يقع؛ لأن الله تعالى أعطى العبد اختيارًا في الطاعة والمعصية، فإذا أراد منه شرعًا فعلَ شيء وأمَرَهُ به، فقد يطيع العبد، فيحصل ما أراد الله، وقد يعصي، فلا يحصل. وراجع لمزيد الفائدة والبيان، الفتويين: 130717، 239296.
فالإرادة الكونية هي القدرية ذاتها، وقسيمها هو الإرادة الشرعية، أو الدينية.
وبهذا يعرف ما وقع في سؤال السائل من سبق القلم أو الخطأ في قوله (إرادة الله الكونية والقدرية .. ). وصوابه: إرادة الله الكونية والشرعية، أو الكونية والدينية، أو القدرية والشرعية، أو القدرية والدينية.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني