الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا مقارنة بين خلق الله وبين صنع البشر في الكمال والإتقان

السؤال

دخلت في نقاش مع ذاتي عندما سمعت أحد الدعاة يتحدث عن كمال الله -تبارك وتعالى-، وأن النقص للإنسان في أفعاله وتصرفاته وصفاته.
لكن راودني سؤال مباشرة بعدها أن الإنسان - بالابتعاد عن الناحية الدينية- قد أنجز الكثير من الأعمال التي أفادت الحياة البشرية، وسهلت لها معيشتها، وعمل على اختراع العديد من الأمور التي هي باعتقادي البسيط كانت كاملة فيما أعتقد؛ سواء كانت تلك الأعمال من مهن وصناعات مثل السيارات على سبيل المثال، ومثل الكمبيوتر الحالي، وحتى أيضا مثل الأبواب الخشبية التي لا يعتريها شيء من النقص عند إنجازها.
هل هذا الشيء يعتبر من الكمال؟ أم أن الأوراق اختلطت عليَّ، وخلطت أمورا لا يجب رصها بنفس الجانب والرصيف؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس شيء مما صنعه البشر يستحق وصف الكمال، اللهم إلا نسبيا، وبالإضافة إلى شيء أقل منه. وليس أدل على ذلك من التطوير المستمر في هذه المخترعات، فكل جيل من أنواع الصناعات يكون أكمل مما سبقه في نوعه، وذلك لأن اللاحق يستدرك شيئا من النقص والعيب الذي فات السابق، ولولا النقص لما أمكن التطوير الذي هو عبارة عن إصلاح عيب، أو استدراك فائت، أو إضافة ميزة. وهذا كله ليس إلا إكمالا لنقص حاصل في السابق.

وكذلك حال الإنسان نفسه، فهو لا يوصف بالكمال إلا باعتبار ما دونه في الخلقة من سائر أنواع الحيوان، كما يوصف بعض الناس بالكمال البشري مقارنة بغيرهم، وباعتبار تفوقهم على بني جنسهم، في أمر معين أو في عدة أمور.

أمَّا إذا كان الحديث عن الله تعالى، وإبداع خلقه، وإتقان صنعته، فالأمر يختلف تماما، فصفة النقص وصف لازم لكل ما سوى الله تعالى، سواء في ذاته، أو صفاته، أو أفعاله. ولا يمكن لعاقل عالم منصف أن يقارن بين خلق الله، وبين صنع البشر في الكمال والإحكام والإتقان، وإذا كان لا بد من المقارنة اللفظية، فلا بد في البداية من التنبيه على أن الاختراعات والصناعات البشرية هي في حد ذاتها دليل وبرهان على قدرة الخالق سبحانه، وبديع صنعه، وتمام علمه، فهو الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وجعل له قدراته ومؤهلاته التي مكنته من بلوغ ذلك.

ثم من ناحية أخرى، فإن اختراعات الإنسان المعقدة جدا، والدقيقة للغاية، إذا ما قورنت بخلق الله تعالى، فلن يكون بينهما مقارنة ولا مقاربة! وراجع في ذلك مثلا: كلام أهل الاختصاص في مقارنة العقل والمخ البشري بالحاسبات الآلية.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 341734.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني