الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج نوع من الرزق سيأتي كل واحد ما كتب له منه

السؤال

أنا فتاة فقدت عذريتي بتلاعبي بجسدي في صغري، ووالدتي على علم بهذا، وقد كبرت، وأنا الآن في سن الثالثة والعشرين، وأرغب في الزواج، وخائفة من أن أنفضح، وأن يشك بي الناس، ومشكلتي أن شهوتي تتزايد، وأريد الزواج، فصارحت والدتي بأن تكلم خطَّابة؛ لتبحث لي عن عريس، فهل هذا يجوز؟ فالجميع يرفض هذا الأمر؛ لكونه محرجًا، وما يزيد من حسرتي أن ابنة عمي متزوجة، ولكنها لم تجامع زوجها منذ أكثر من ست سنوات، وفوق هذا والدتها تريدها أن تحمل بالعلاج؛ كونهم لم ينجبوا؛ بسبب أنه لم يحدث بينهم جماع، والجميع ينصحها بالعلاج، وحاولت هي ولم تفلح، وهي الآن حامل في شهرها الثامن، والجميع لم يعجبه فكرة هذا الحمل؛ كونهم لم يحدث بينهم جماع، والجميع نصح عمي، وقالوا له: أنت هكذا لا تعلّق الرجل بابنتك، بل تعلّق ابنتك به، والرجل من حقّه أن يجامع، فهو تزوج من أجل هذا، وفوق هذا هو ليس بمقدوره أن يصرف على امرأتين، والأرجح أنه سيطلقها ليتزوج؛ لكي لا يظلمهم، ففكّر بهذا قبل أن تحمل ابنتك، لكنه من كثرة فرحته بأن ابنته ستحمل لم يرفض؛ حتى أنه قال: إن زوجها موافق.
وأنا التي أحتاج للزواج لا أستطيع، وغيري لديه، ولا يعرف قدر نعمته، حتى أن ابنة عمتي نادرًا ما ترى زوجها؛ كونها تدرس في المنطقة المجاورة، فتزوره بالأيام؛ لكونها تسكن بالجامعة، فهل هذا امتحان لي؟ فأنا خائفة أن أعود للعادة السرية لأشبع رغبتي، وأحيانًا أصوم لأحافظ على نفسي فقط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأمر في هذا هيِّن، فلا ينبغي القلق، والتوتر، فواصلي السعي، والأخذ بأسباب الزواج بالأمور المباحة، فهو من أمور الخير التي ينبغي المبادرة إليها، قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة:148}.

وفي الزواج مصالح، قد تفوت بسبب العوارض، ولمعرفة بعض هذه المصالح، انظري الفتوى: 196003.

واستعيني بالله -عز وجل- أولًا، وسؤاله أن يرزقك الرجل الصالح، فهو الجواد المجيب، أمر بالسؤال، ووعد بالإجابة، فلا يخيب ظن من رجاه، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

واستعيني كذلك بالثقات من أقربائك، وصديقاتك ليعينوك، فالمرأة يجوز لها شرعًا البحث عن الأزواج، كما أوضحنا في الفتوى: 18430.

ومنها تعلمين أنه لا حرج فيما فعلت من إخبارك أمّك أن تسأل الخطَّابة أن تبحث لك عن زوج.

ولا يلزمكم شرعًا إخبار الخاطب بزوال البكارة، إلا إذا اشترطها، فإن قدر أن سأل عنها، فأخبريه بأنك لم تقعي في الزنى، وأن زوال غشاء البكارة أسبابه كثيرة، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة؛ إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع، كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابًا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.

وإن اقتضى الأمر أن تذكري له حقيقة ما حدث، فافعلي.

وحتى ييسر الله لك الزواج، اعملي على كل ما يعينك على العفاف، باجتناب مثيرات الشهوة من النظر المحرم، ونحوه، وكذا الحرص على مثبطات الشهوة، ومن أهمها الصوم، وحضور مجالس الخير، وصحبة الصالحات مثلًا.

وأكثري من الدعاء بنحو ما ورد في السنة، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.

والزواج نوع من الرزق، سيأتي كل واحد ما كتب له منه، والتأخير له حِكَمُه، وقد يكون الابتلاء واحدًا منها، ومن صبر، فعاقبة الصبر خير -بإذن الله-، وانظري في فضائل الصبر الفتوى: 18103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني