الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع سد فم الصبي إذا تثاءب؟ وماذا يقال إذا عطس؟

السؤال

هل يشرع سد فم الصبي إذا تثاءب؟ وماذا يقال إذا عطس؟
وإذا كثر نهيق الحمير، أو نباح الكلاب في الليل، فهل يلزم أن نستعيذ كلما تكرر النهيق والنباح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالصبي إذا كان قابلًا للتعليم، فإنه يشرع تعليمه آداب العطاس والتثاؤب، ومنها: أن يؤمر بوضع يده على فمه في التثاؤب.

وإن كان غير قابلٍ للتعليم، فإن الخطاب الشرعي لا يتوجه له ابتداء، ولا تعليمًا، ما دام أنه لا يميز.

ولم نجد نقلًا عن الفقهاء في أن الصبي إذا تثاؤب، وُضِعَ شيء على فيه.

وفي العطاس أيضًا ذكر الفقهاء أنه يعلم آداب العطاس ــما دام قابلًا للتعليم-، ومنها: أن يؤمر بحمد الله تعالى، ويقال له عندها ما يقال للكبير: "يرحمك الله"، جاء في شرح المنتهى: وَيُعَلَّمُ صَغِيرٌ الْحَمْدَ إذَا عَطَسَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوَ بِوَرِكِ فِيكَ، وَمَنْ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ، فَلَا بَأْسَ بِتَذْكِيرِهِ. اهــ.

وذكر بعض الفقهاء أن غير المميز إذا عطس، فإن وليه، أو من يحضره، يحمد الله نيابة عنه، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ يَعْطِسُ. قَالَ: يُقَالُ لَهُ: بُورِكَ فِيكَ.

وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: إنْ عَطَسَ صَبِيٌّ، يَعْنِي عَلِّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قِيلَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوْ بُورِكَ فِيكَ، وَنَحْوُهُ، وَيَعْلَّمُ الرَّدَّ.

وَإِنْ كَانَ طِفْلًا، حَمِدَ اللَّهَ وَلِيُّهُ، أَوْ مَنْ حَضَرَهُ، وَقِيلَ لَهُ: نَحْوُ ذَلِكَ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

أَمَّا كَوْنُهُ يَعْلَمُ الْحَمْدَ، فَوَاضِحٌ.

وَأَمَّا تَعْلِيمُهُ الرَّدَّ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي رَدِّ السَّلَامِ، لَكِنْ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: الدُّعَاءُ لَهُ تَشْمِيتٌ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ" كَالْبَالِغِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ فِي كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا قَوْلَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ" مِنْ غَيْرِ الْعَاطِسِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَى غَيْرِهِ. وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا تَمْيِيزَ، لَا يُخَاطَبُ، فَفِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْخِطَابِ، وَلَمْ يَثْبُتْ، فَلَا فِعْلَ، عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ الْمَحْضَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَا تُفْعَلُ عَنْ الْحَيِّ بِاتِّفَاقِنَا. اهــ.

وأما سؤالك الثاني: فإن الاستعاذة عند سماع نهيق الحمار ونباح الكلب، ليست واجبة، بل مستحبة.

ويشرع تكرار الاستعاذة مع تكرار سماعهما، كما بيناه في الفتوى: 249139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني