السؤال
اشتريت سيارة من جار لأحد الأصدقاء، واشتريتها بنية حسنة، مصدقًا ما أفاده عن السيارة وأنها في حالة ممتازة داخليًّا وخارجيًّا، وبعد أسبوعين اكتشفت أنها مصبوغة من الخارج، وأجزاء من الداخل، فقمت بالاتصال به لإعلامه بالأمر؛ فأنكر معرفته بذلك، وأنه لم يقم بصبغ السيارة، ورفض الحديث، ثم قمت بعرضها للبيع على صفحات النت، واتصل بي شخص، وقال لي: إنه قد سبق أن رآها، ويعرف العيب الذي في السيارة، وأنه أوصل تلك المعلومات لصاحب السيارة؛ وبذلك يتضح علمه بعيب السيارة، وإخفاؤه لتلك المعلومة عني عند الشراء، وطلبت أن نعمل جلسة للتحكيم، فرفض، فما حكم الشرع فيما قام به معي، ورفضه عقد جلسة؟ وكيف أرجع حقي منه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان على البائع أن يبين العيوب التي يعلمها في السيارة؛ لما في ستر ذلك من الغش، والتدليس، وفي الحديث الشريف: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإن صدقا وبينا، بورك في بيعهما، وإن كذبا وكتما، محقت بركة بيعهما. رواه البخاري.
وإذا غش البائع، أو دلس في العيب، فالمشتري مخير بين فسخ البيع، أو إمضائه مع المطالبة بأرش العيب، وله الإمضاء دون مطالبة بشيء، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه يجب على البائع إذا علم شيئًا بالمبيع يكرهه المشتري أن يبينه بيانًا مفصلًا، وأن يصفه وصفًا شافيًا زيادة على البيان، إن كان شأنه الخفاء؛ لأنه قد يغتفر في شيء دون شيء، .. وإذا وقع البيع مع كتمان العيب، فالبيع صحيح، مع الإثم، والمعصية، عند جمهور الفقهاء. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: أنه متى علم -أي: المشتري- بالمبيع عيبًا، لم يكن عالمًا به، فله الخيار بين الإمساك والفسخ، سواء كان البائع علم العيب وكتمه، أو لم يعلم، لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافًا. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف عند قول ابن قدامة: وإن وجد العين معيبة، أو حدث بها عيب، فله الفسخ:
مراده ومراد غيره: إن لم يزل العيب بلا ضرر يلحقه، فإن زال سريعًا بلا ضرر، فلا فسخ.
تنبيه: ظاهر كلامه: أنه ليس له إلا الفسخ، أو الإمضاء مجانًا. وهو صحيح. وهو المذهب. أطلقه الأصحاب. وصرح به ابن عقيل، والمصنف، وغيرهما. وقيل: يملك الإمساك مع الأرش. وهو تخريج للمصنف. وقال في المحرر، وتبعه في الفروع، وغيره، وقياس المذهب: له الفسخ، أو الإمساك مع الأرش. وجزم به في المنور.. قال الشيخ تقي الدين- رحمه الله-: إن لم نقل بالأرش. فورود ضعفه على أصل الإمام أحمد -رحمه الله- بين. اهـ.
وعلى كل؛ فهذه المسألة فيها خصومة، ومسائل الخصومات وقضايا المنازعات لا يكتفى فيها بالسؤال عن بعد، بل ترفع للقضاء إذا لم يصطلح الخصمان.
والله أعلم.